هذا عام تاريخي في العلاقات الثنائية بين الهند والإمارات العربية المتحدة. ففي العام الذي احتفلت فيه دولة الإمارات بمرور 50 عاماً على تأسيسها واحتفلت الهند بمرور 75 عاماً على استقلالها، شهدت العلاقات بين البلدين قفزات كبيرة ومترابطة في ظل تقارب المصالح والشعور بالمنافع المتبادلة من هذه العلاقة. وقد شهدت السنوات السبع الماضية تدفقاً مستمراً من الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين.

ففي عام 2015، زار رئيس الوزراء ناريندرا مودي دولة الإمارات، في أول زيارة لرئيس وزراء هندي منذ 35 عاماً، والتي كانت تمثل خطوة مهمة أعطت دفعة للعلاقات الاستراتيجية وحددت الاتجاه في قطاعات مهمة في جميع المجالات تقريباً، سواء كان ذلك التعاون في مجالات الأمن والدفاع والتعليم وعلوم البيئة ومكافحة الإرهاب أو في مجال التجارة.

وفي فبراير 2016، أدت الزيارة الناجحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الهند  إلى إرساء أسس تعزيز ونمو سريع وغير عادي للعلاقات الثنائية. فخلال تلك الزيارة، اتفق البلدان على زيادة تعزيز تعاونهما في العديد من المجالات الاستراتيجية الرئيسة بما في ذلك الإنتاج الدفاعي المشترك. ومنذ ذلك الحين، حدد البلدان مجالات جديدة للتعاون لتبادل أفضل الممارسات التقنية في مجال المعلومات والاتصالات والتقنيات بما في ذلك في مجال تكنولوجيا الفضاء.

من ناحية أخرى، كانت الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام الثامن على التوالي في 2020-2021، بينما زاد حجم التجارة الثنائية غير النفطية من 185 مليون دولار في 1985 إلى أكثر من 43 مليار دولار في 2020-2021. وقفز الاستثمار الأجنبي المباشر من الإمارات إلى الهند أيضاً من 339 مليون دولار في 2020 إلى 4.2 مليار دولار في 2021.

كما برزت الإمارات كثاني أكبر وجهة تصدير للهند بقيمة تزيد على 30 مليار دولار بالنسبة لعامي 2018-2019. شكلت العلاقات الاقتصادية والتجارية العميقة الأساس لنمو العلاقة التي تنوعت على مر السنين.

ويتضمن هذا توسيع التفاعلات الثنائية في مجال الطاقة. وفي هذا الإطار، تخطط الشركة الهندية الرائدة، ريلاينس إندستريز، لتأسيس وحدة تجارية كبرى للنفط والبتروكيماويات في دولة الإمارات، بينما تتصدر شركة النفط الوطنية الإماراتية، أدنوك، قائمة الشركات الأجنبية التي من المتوقع أن تنظر في شراء حصة كبيرة في شركة تكرير هندية كبرى «بهارات بتروليوم»، في إطار خصخصة الشركة.

تُدار شراكة الهند الاستراتيجية مع الإمارات اليوم من قبل لجنتين رفيعتي المستوى - فريق العمل المشترك رفيع المستوى المعني بالاستثمارات الذي يجتمع على مستوى الوزراء والحوار الدفاعي السنوي. ويتم توجيه التعاون الدفاعي من خلال لجنة التعاون الدفاعي المشترك في . تستعد هذه العلاقات بين البلدين لأن تصبح أقوى حيث تمكنت الدولتان من التوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة.

في قمة افتراضية بين قيادة البلدين، وضع رئيس الوزراء الهندي وولي عهد أبوظبي رؤيتهما لتعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين. يهدف الجانبان إلى زيادة حجم تجارة البضائع إلى 100 مليار دولار في غضون خمس سنوات.

ومن المقرر أن تعمل هذه الاتفاقية على زيادة الروابط التجارية والاقتصادية في وقت يسود فيه قدر كبير من عدم اليقين الناجم عن جائحة فيروس كورونا. وكان مفاوضون من الإمارات والهند قد وضعوا اللمسات الأخيرة على مسودة الاتفاقية في ديسمبر في انتظار توقيعها. تتضمن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع دولة الإمارات بنوداً تحمي مصالح الصناعات المحلية وتوفر لها بوابة إلى الأسواق في غرب آسيا وأفريقيا.

بالنسبة للهند، ستعطي الاتفاقية دفعة لسلسلة من القطاعات مثل الأحجار الكريمة والمجوهرات والمنسوجات والسلع الهندسية. وعلى الجانب الآخر، تعمل الإمارات والهند على استكشاف طرق لتسهيل الاستثمارات تديرها مؤسسات الاستثمار السيادي في دولة الإمارات بقطاعات رئيسة في الهند.

تعد الاتفاقية مع الإمارات ثاني أكبر صفقة تجارية بعد اتفاقية التعاون الاقتصادي الشامل بين الهند وموريشيوس والتي تم توقيعها قبل عام واحد، تحديداً في فبراير 2021. وهذه الاتفاقية هي ذات أهمية استراتيجية لكلا الشريكين، بما لها من إمكانات للوصول بحجم التجارة الثنائية إلى 100 مليار دولار في غضون خمس سنوات، مما يعود بالنفع على كلا البلدين. وبتوقيع الاتفاقية، تمكن قادة البلدين من إدراك التغييرات في فهم الأوضاع الخارجية وسارعوا لاغتنام الفرص المتاحة في الظروف السائدة من أجل تعزيز مصالحهم الوطنية.

* رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي