بعد مرور أسبوعين على الأزمة الأوكرانية، قفزت أسعار النفط إلى أرقام غير مسبوقة، منذ عام 2008، في أجواء تسبق فرض المعسكر الغربي حظراً على استيراد النفط الروسي، وتتزامن أيضاً مع مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي مع إيران، واحتمالية عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية.
وعند الحديث عن الأوضاع في أوكرانيا، تتضارب الأنباء العالمية حول أرقام اللاجئين الأوكرانيين من 100 ألف لاجئ إلى 1.5 مليون لاجئ نحو الدول المجاورة، وكذلك عدد القتلى. فالأمم المتحدة تتحدث عن ألف مدني قتلوا في الحرب، بينما المفوضية السامية لحقوق الإنسان تتوقع أرقاماً أكثر من ذلك بكثير. وفي حرب يبدو أنها إعلامية، حين تتحدث أوكرانيا عن مقتل 11 ألف جندي روسي، بينما روسيا لم تعترف سوى بمقتل 500 جندي وإصابة 1600.

برغم أن أسباب الأزمة الأوكرانية متعلقة بتوسيع حلف «الناتو» أنشطته في الشرق، واحتمالية انضمام أوكرانيا للحلف، الأمر الذي أثار غضب موسكو، إلا أن هناك شعوراً أوكرانياً بأن حلف شمال الأطلسي قد تخلى عن أوكرانيا، لرفضه فكرة فرض منطقة حظر طيران فوق أجوائها، برغم المطالب الأوكرانية الملحة. 

وقد يكون تأخر قرار«الناتو» متوازناً، بحيث إنهم لا يريدون مواجهة عسكرية مع روسيا المسلحة نووياً، وقد تتصاعد إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، حال أُجبر طيارو «الناتو» على إسقاط طائرات روسية، أو استهداف آليات ومنظومات عسكرية روسية، في روسيا أو بيلاروسيا، في سيناريو يوحي من وجهة النظر الأوكرانية، أن الغرب شجع أوكرانيا على التمرد، ليدفع روسيا إلى التصعيد، ثم تخلى عن أوكرانيا عسكرياً على الأقل.
كشف الكرملين عن الشروط الروسية لإيقاف الحرب، وتتلخص في ثلاثة، أولها: تعديل الدستور الأوكراني، بحيث يمنع الانضمام لأي تكتل، وإيقاف العمليات العسكرية الأوكرانية، وأخيراً: اعتراف أوكرانيا بشبه جزيرة القرم أرضاً روسية، مع الاعتراف بدونيتسك ولوغانستك كدولتين مستقلتين، في دلالة على أن الأزمة الأوكرانية لها أبعاد دولية، وصراع بين المعسكر الشرقي والغربي، ضحيته أوكرانيا، حيث لوح الغرب بضم أوكرانيا إلى حلف «الناتو»، بذريعة حرية الدول في تحديد خياراتها السياسية، وهذا ما شكّل حساسية كبيرة لموسكو، ويمس بشكل مباشر بأمن روسيا الوطني، واستمر التصعيد الإعلامي حتى دفعت روسيا لبدء حملتها العسكرية، وكأنه سيناريو استنزاف لروسيا، في محاولات لمنع تشكيل تحالف صيني - روسي في الشرق. 
يشكل التعاون الصيني- الروسي تحالفاً قوياً، على الصعيد الاقتصادي وخطوط الطاقة، وعلى الصعيد الأمني والعسكري في آسيا والمحيط الهادئ، مما يشكل حساسية لدى المعسكر الغربي، الرافض لوجود عالم متعدد الأقطاب، الأمر الذي يعكس سوء إدارة للأزمات الدولية، وقلة حيلة المنظمات الدولية، عن القيام بدورها لحفظ السلام. فلا يمكن إدارة الأزمات بعقلية القطب الواحد، ونحن نعيش عالماً متوازن القوى، ومن حق كل طرف من الأطراف المتخاصمة، الحفاظ على أمنه الوطني، ومكتسباته ومقدراته.
إعلامية وكاتبة بحرينية