شكل إطلاق برنامج أبوظبي للجينوم الزراعي مؤخراً، من قبل هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية بالتعاون مع بعض المراكز البحثية الوطنية في الدولة، خطوةً مهمةً نحو تحقيق هدف تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال البحوث الجينية الزراعية في الدولة. حيث يعتبر هذا البرنامج هو الأول من نوعه على مستوى المنطقة، مما يعزز من مكانة أبوظبي على المستويين الإقليمي والدولي، ويجعلها مرجعيةً علميةً في مجال الجينوم الزراعي، بالإضافة إلى الإيفاء بمتطلبات اتفاقية الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة.

ويندرج برنامج أبوظبي للجينوم الزراعي ضمن مبادرات خطة أبوظبي لتحقيق وفرة الغذاء، حيث تعتبر الدراسات الجينية خطوةً مهمةً نحو توفير حلول مبتكرة لتحديات الأمن الغذائي في المستقبل، بما يعزز من منظومة الأمن الغذائي للإمارة والدولة، وحيث يتوقع أن يساهم هذا البرنامج في تحسين الإنتاج الزراعي المستدام، من خلال تحسين السلالات الحيوانية والأصناف النباتية. وتتوافق وتتماشى اتفاقية الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة (International Treaty on Plant Genetic Resources for Food and Agriculture)، التي تم التوقيع عليها في مدريد عام 2001 وبدأ العمل بها في عام 2004، مع اتفاقية الحفاظ على التنوع الحيوي، والتي تهدف إلى ضمان الأمن الغذائي لأفراد الجنس البشري، من خلال حماية البيئة وجميع أشكال الحياة، مع التركيز على الاستخدام المستدام وتبادل ومشاركة الموارد الوراثية للنباتات المستخدمة في الغذاء، وتحقيق العدالة والمساواة في حصد فوائد هذه المشاركة، بالإضافة إلى تثمين حقوق المزارعين والعمل على الحفاظ عليها.. وذلك انطلاقاً من حقيقة أن الموارد الوراثية للنباتات، تعتبر حجرَ الأساس في الزراعة المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي. وتقدِّر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن البشر استخدموا حوالي 10 آلاف صنف ونوع وجنس نباتي كغذاء خلال مراحل التاريخ المختلفة.

وإن كان حالياً، يوفر 120 صنفاً زراعياً فقط ما يعادل 90 في المئة من الاحتياجات الغذائية للجنس البشري، بل إن أربعة أصناف فقط، هي الذُّرَة والقمح والأرز والبطاطس، تسد حالياً 60 في المئة من الاحتياجات البشرية الغذائية من السعرات الحرارية.

وللأسف، من ضمن طائفة متنوعة وواسعة من أصناف المحاصيل التي طورها المزارعون خلال آلاف السنين، وشكّلت على الدوام جزءاً مهماً من التنوع الزراعي، فقدت بالفعل 75 في المئة منها خلال المئة عام الماضية. كما يخشى الكثيرون أن المصالح المالية للشركات الكبرى العاملة في مجال الزراعة والغذاء، قد تصطدم بهدف تحقيق الأمن الغذائي، من خلال الاعتماد على زراعة متنوعة حيوياً، تتحكم فيها المجتمعات المحلية من المزارعين. كما أن مصالح هذه الشركات، سوف تصطدم أيضاً بمبادرات منح المزارعين المزيد من الحقوق، وزيادة نصيبهم من العوائد المالية لتوزيع وبيع ما ينتجونه من محاصيل زراعية.

* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.