تبدو المسيرة الإماراتية الصاعدة في أعلى عليين مستقرة ومستمرة، والشعلة تنتقل من يد إلى يد. فبعد سنوات التكوين والبناء في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يدفع بلاده في طريق المجد مرة جديدة. ما توضحه التجربة الإماراتية يوما تلو الآخر، هو أن المجد والفخار بالنسبة لها، ليس قصائد وأشعار بلاغية، وإنما رؤية علمية تتسق ومواكبة العصر الذي نعيشه، حيث القيمة الحقيقية للمعرفة، والسباق المؤكد على ريادة الفضاء، وبخاصة بعدما ضاقت الأرض بسكانها، وأضحت هناك بالفعل حاجة ماسة إلى وجود بديل، حتى وإن كانت الفكرة تكاد تكون مخملية في الوقت الحاضر، لكنها حكما في القريب ستضحي واقعية.

نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في بلورة مشروع علمي رائد، مهمته الأساسية استكشاف الفضاء، والبحث فيما وراء الكواكب والنجوم، بل إن الحلم الإماراتي الكبير يبقى الوصول إلى المريخ واستيطان الكوكب الأحمر في عام 2070، أي في الذكرى المئوية لقيام الدولة. لم يتوقف الأمر عند حدود الحلم، بل تحول وعبر السواعد الإماراتية الشابة إلى برنامج عمل يحدوه الأمل، قدر له النجاح في الوصول بمسبار الأمل إلى كوكب المريخ.

واليوم ومع بدايات عهد صاحب  السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرجل الذي آمن بالعلم كطريق للأجيال القادمة، وكدرب لرفعة الوطن، ها هو يمضي والإمارات معه في مسار استكشاف القمر، وبهذا تضحي الإمارات من الدول القليلة التي تعيد الاهتمام بالقمر في الوقت الحاضر. منتصف الشهر الجاري وفي قصر البحر، كان القائد الإماراتي يستقبل فريق العمل القائم على مهمة استكشاف القمر، تلك المهمة التي تأتي في سياق الاستراتيجية الإماراتية الطموحة الخاصة بارتياد الفضاء والتعاطي مع المجهول لجعله معلوم، وكذا الاستفادة من المقدرات الطبيعية خارج الكرة الأرضية.

دائما وأبدا كانت دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفي كل مراحل مسؤولياته للشباب الإماراتي، أن يحلم إلى درجة ملامسة النجوم، ما يعني أن إيمانه بهؤلاء لا يسده سد ولا يحده حد، وهو ما أشار إليه من جديد حين عبّر عن ثقته «بقدرة شباب الوطن على الوصول إلى آفاق علمية جديدة، تعزز ريادة الإمارات في مجال الفضاء». ما الذي تعنيه مهمة الإمارات لاستكشاف القمر في تقدير رئيس الدولة وفي بداية مسيرة نهضوية علمية وفكرية متجددة؟ يصرح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأن الأمر يعني أن هناك مسيرة إماراتية تسير بخطى واثقة نحو الأمام في مجال الفضاء، وأن الإنجاز التاريخي بإرسال مسبار الأمل إلى المريخ، لن يكون الإنجاز الوحيد أو الأخير، لأن الطموح الإماراتي في هذا المجال ليس له حدود.

يمكن القطع دون تهوين أو تهويل أن ما يميز الإمارات في كافة مشروعاتها لا سيما العلمية منها، وجود رؤية ومنهجية تنطلق منها، وأهداف إستراتيجية واضحة تسعى في طريق تحقيقها، بعيدا عن أي دعاية جوفاء مفرغة من القيمة الحقيقية.

يرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن الإمارات ومن خلال سعيها لاستكشاف القمر، تحرز نجاحاً عظيماً في عدد من المجالات، ذلك أنها أولا تؤكد صدق إيمانها بالعلم كطريق للنهوض والتنمية، ثم وهي تفعل ذلك تعزز موقعها وموضعها ضمن الدول الرائدة في علوم الفضاء على المستوى العالمي، ثم تبقى هناك الخدمات الجليلة التي تقدمها للبشرية، فالفضاء الخارجي يحمل أحلاماً للإنسانية بعضها طبي دوائي، والآخر اقتصادي. وفي كل الأحوال تبقى رحلة استكشاف القمر، رسالة إيجابية تعزز قدرة العرب على الانخراط الفاعل في مسيرة العلم الحديث، والمنافسة في مضمار التقدم العلمي.

الإمارات هي المكافئ الموضوعي للحلم القابل للإنجاز بأيدي الإماراتيين أنفسهم.

* كاتب مصري