يحيا 20% من أفراد الجنس البشري، أي واحد من كل خمسة أشخاص، في نطاق أزمة أو كارثة إنسانية، لسبب أو لآخر، وغالباً ما تعجز نُظم الرعاية الصحية في أماكن هذه الأزمات والكوارث الإنسانية عن تقديم خدمات الرعاية الصحية والأساسية.

ويُقدر أن هذا الوضع سيزداد سوءاً في المستقبل، بناءً على التوقعات أنه بحلول 2030 سيبلغ العجز في عدد أفراد الطاقم الطبي اللازمين لتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية للجميع، أكثر من 15 مليون قابلة وممرضة وطبيب. لكن في ظل حقيقة أن الشخص العادي يقضي أقل من ساعة خلال العام في رعاية أحد أفراد الطاقم الطبي، بينما يقضي أكثر من 8700 ساعة في العناية الذاتية أو الشخصية، أصبح دعم إجراءات العناية تلك هدف من أهداف الصحة العامة، لمنح الفرد الاستقلاليةَ والاعتماد على النفس، وأخذ عنان المبادرة في العناية بصحته وتجنب المرض.

كما أن العنايةَ الصحيةَ الشخصيةَ يمكنها أن تخفض تكلفة الرعاية الطبية المطلوبة بقدر ملحوظ، وخصوصاً للمصابين بالأمراض المزمنة في الدول النامية والفقيرة. هذا الهدف أصبح يجسده ما يعرف بشهر العناية الشخصية (Self-Care Month)، والذي يبدأ في الرابع والعشرين من شهر يونيو ويستمر حتى الرابع والعشرين من شهر يوليو، الشهر السابع من شهور السنة، في إشارة إلى أن العناية الذاتية يجب أن تكون على مدار الأربعة وعشرين ساعة، خلال أيام الأسبوع السبع.

ورغم أن النظافة الشخصية هي جزء من العناية الصحية الذاتية، فإن المفهومَ يشملُ إجراءاتٍ أوسعَ وأكثرَ شمولا من مجرد العناية بالنظافة الشخصية، تهدف جميعُها إلى تمكين الأفراد وجعلهم مشاركين فاعلين في تلبية متطلباتِهم واحتياجاتِهم الصحية.

وهو ما أصبح استراتيجيةً لا غنى عنها، في ظل عالَم تتعرّض فيه نظمُ الرعاية الصحية لضغوط غير مسبوقة، تدفع بها إلى شفا الانهيار التام. وهي الضغوط التي زاد من وطأتها وباءُ «كوفيد-19» الحالي، والتغيرات المناخية، والصراعات المسلحة والحروب المستمرة.

ورغم أن الهدف من إجراءات وتدابير العناية الصحية الشخصية ليس الاستغناء عن نظم الرعاية الصحية، إلا أنها ستشكل جزءاً لا غنى عنه من مستقبل الرعاية الصحية، يدعم ويرفع من كفاءة هذه النظم، خصوصاً أن ممارسات العناية الصحية الشخصية الحالية تعتمد على براهين وأدلة علمية، وتشمل أدوية وعقاقير ليست بحاجة إلى وصفة من طبيب، وفحوصات تشخيصية يمكن إجراؤها بسهولة في المنزل، بالإضافة إلى التطبيقات البرمجية على الهواتف المحمولة، والتي يمكنها أن توفر النصحَ والإرشادَ، وتساعد الشخصَ على العناية بصحته، وإدارة مرضه بالشكل السليم على مدار الساعة.

مع زيادة الوعي بما يعرف بمحددات الحالة الصحية، والتي تشمل العوامل الاجتماعية، والظروف الاقتصادية، ونمط الحياة وأسلوبها.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية