في العامين الماضيين شهدنا كثيرًا من المشروعات المتعلقة بالفضاء، مثل مسبار الأمل الذي يهدف إلى استكشاف ظروف دورات الطقس في الغلاف الجوي للمريخ، وجاء عقبه مشروعان من الصين والولايات المتحدة الأميركية اللتين أرسلتا -بشكل منفصل- مركبات لمسح العناصر والمعادن وصخور الكوكب الأحمر.

وأطلقت وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية تلسكوب جيمس ويب الفضائي، وهو مشروع تزيد تكلفته على 10 مليارات دولار أميركي لإجراء بحوث بالأشعّة تحت الحمراء في علم الفلك.

وإضافةً إلى الوكالات الحكومية قدّم القطاع الخاص مشروعات ضخمة أيضًا، مثل شركة «سبيس إكس» التي شحنت بنجاح حمولة تزن طنًّا إلى محطة الفضاء الدولية، وكذلك حظيت السياحة بنصيبها لأول مرة على يد ريتشارد برانسون وجيف بيزوس، اللذَين أتمَّ كل منهما رحلته شبه المدارية إلى الفضاء.

وشهد العام الماضي أكثر من 100 عملية إطلاق، ومن المُتوقع أن يرتفع العدد في هذا العام إلى 200 عملية. ومع هذه الزيادة الكبيرة في عمليات الإطلاق قد تتساءل: هل نحن في مهمة لاكتشاف المجهول، أو في سباق للعثور على الكنز؟ ويمثل الفضول دافعًا كبيرًا إلى اكتشاف المجهول، ومع ذلك، فإنه لا يبرر التكلفة الباهظة لاستكشاف الفضاء، ويُجادل الكثيرون بأنه يجب إنفاق هذه الميزانيات على مشروعات يمكن أن تزيد تطوير الحياة على الأرض، بدلًا من هذه المشروعات البحثية عن الفضاء الخارجي.

وفي الواقع يعود ذلك إلى عدم معرفة الفوائد الكبيرة لبرامج الفضاء التي لم يُتَح لكثير من الناس فهمها، لذا دعونا نسلط الضوء على بعضها في هذه المقالة القصيرة. إلى جانب اكتشاف النجوم والكواكب الجديدة ومراقبة الكويكبات، تملك كثير من الحكومات برامج فضائية لمراقبة الأرض وما حولها، إضافةً إلى تحديد الأنماط أو التغيّرات ذات الصلة. ولا يساعدنا ذلك على حماية الأرض وبيئتها فحسب، بل على فهم كيفيَّة تطور كوكبنا في الماضي، والتنبؤ بمستقبله أيضًا.

وتوجد تطبيقات مهمة عدَّة نلاحظها أو نستخدمها يوميًّا، ولكننا لا ندرك أنها كانت نتيجة تطوير تقنيات فضائية معينة في مجالات مختلفة، مثل الاتصالات (نظام تحديد المواقع العالمي، أو ما يسمى اختصارًا «جي بي إس»)، والتصنيع (المواد القوية والعوازل)، والطاقة (الخلايا الشمسية)، والتصوير (الكاميرات).

وفضلًا عن ذلك ثمَّة كثير من البحوث الطبية الجارية في الفضاء لتحسين نوعية الحياة، وهناك شركات عدَّة تتنافس في تقديم حلول لتطبيقات الفضاء في مجالَي الاتصالات والسياحة، وحتى في مجال التعليم. وكذلك توجد برامج مختلفة مختصة بالفضاء، فعلى سبيل المثال عَمَدت مجموعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة خليفة إلى تصميم وبناء وإطلاق أقمار عدَّة صغيرة الحجم تؤدي وظائف بحثيَّة مختلفة.

وعلى الرغم من أن الفضاء مملوء بفرص لم نستغلها حتى الآن، ومنها التعدين والاستيطان، فإننا -من خلال شغفنا بالاستكشاف، وتَسارُع التطور في العلوم والتقنيات- سنتمكَّن من الوصول إلى حدود جديدة للفضاء قريبًا.