أفادت البيانات الصادرة يوم الثلاثاء أن أكثر من 10.5 مليون طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال جائحة «كوفيد - 19» ما يقرب من ضعف التقديرات السابقة. عانى جنوب شرق آسيا وأفريقيا أكبر معدل للخسائر، حيث تضرر طفل من كل 50 طفلاً مقارنة بواحد من بين 150 طفلاً في الأميركتين، وفقاً للبحث المنشور في مجلة «جاما بيدياتريكس».

ووجد البحث أن من بين البلدان التي سجلت أعلى معدلات وفيات للوالدين ومقدمي الرعاية الصحية بوليفيا وبيرو وناميبيا ومصر وبلغاريا وجنوب أفريقيا والإكوادور وإسواتيني وبوتسوانا وغيانا. قبل الوباء، كان هناك ما يقدر بنحو 140 مليون طفل يتيم في جميع أنحاء العالم. كان الأطفال في البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة ومعدلات الخصوبة المرتفعة أكثر عرضة للتأثر، وفقاً لتحليل النمذجة، الذي يعتمد على الوفيات التي تجاوزت ما هو متوقع عادة في غضون عام.

وتأخذ الأرقام في الاعتبار الوفيات التي حدثت في الفترة من يناير 2020 حتى مايو 2022 وتم حصرها من خلال التعاون بين واضعي النماذج في منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وإمبريال كوليدج لندن، بالإضافة إلى جهات أخرى.

ووصفت المؤلفة الرئيسية للبحث، «سوزان هيليس»، وهي عالِمة الأوبئة السابقة بمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، والتي تعمل الآن في جامعة أكسفورد، النتائج بأنها «واقعية» وحثت قادة العالم على إعطاء الأولوية للأطفال الأيتام من خلال توفير الدعم الاقتصادي والتعليمي والصحي النفسي.

قالت هيليس: «عندما تحدث وفيات بهذا الحجم، فمن المؤكد أنه من دون مساعدة يمكنك إضعاف نسيج المجتمع في المستقبل إذا لم تعتني بالأطفال اليوم». في رسالتهم، كتبت هي والمؤلفون المشاركون أنه «بينما يتم استثمار مليارات الدولارات في منع الوفيات المرتبطة بـ«كوفيد - 19»، لا يتم عمل الكثير لرعاية الأطفال الذين تركهم أباؤهم». وأضافوا أن العواقب على الأطفال يمكن أن تكون «مدمرة»، بما في ذلك الإيداع في المؤسسات، وسوء المعاملة، والحزن الشديد، ومشاكل الصحة العقلية، وحمل المراهقات، والنتائج التعليمية السيئة، والأمراض المزمنة والمعدية.

من بين الأطفال الذين فقدوا أحد الأبوين أو كليهما، البالغ عددهم إجمالاً 10.5 مليون طفل، يوجد 4.2 مليون في جنوب شرق آسيا، و2.5 مليون في أفريقيا، و1.5 مليون في الأميركتين، و1.5 مليون في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط​​، و500.000 في أوروبا. وفي الولايات المتحدة، التي تم تجميعها مع دول أخرى في الأميركتين، فقد حوالي 250.000 طفل أحد والديهم أو كليهما.

وقال المدافعون عن الأطفال والأسرة، إن الأزمة الإنسانية تتوازى مع الوضع الذي خلقه وباء الإيدز، حيث قدر تقرير عام 2020 الصادر عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن ما يصل إلى 17 مليون طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما بسبب فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز. ومن جانبه، وصف جون هيكلنجر، الرئيس والمدير التنفيذي للصندوق العالمي للأطفال، الذي يشترك مع 250 منظمة في 46 دولة، عدد مقدمي الرعاية الذين لقوا حتفهم بأنه «مذهل».

وقال إن عمال الإغاثة في المناطق النامية أبلغوا عن تزايد قضايا مثل الاتجار بالأطفال والزواج المبكر وممارسات العمل الاستغلالية التي تشمل الأطفال مع استمرار الوباء. وقال إن «أزمة الأيتام تكمن وراء العديد من القضايا الأخرى». تعمل كارولين تافرنر، المؤسس المشارك لمؤسسة «إيماز بليس» Emma's Place، التي تقدم استشارات عن الحزن في جزيرة «ستيتين أيلاند»، على الوباء بأكمله مع الأطفال والعائلات الذين عانوا من فقدان أحد الوالدين بسبب «كوفيد - 19». وقالت، إن صانعي سياسات الصحة العامة يجب أن يفكروا في تقديم الدعم ليس فقط لفترة قصيرة، ولكن على المدى الطويل.

وأضافت أن العديد من الموارد تكون متاحة في أعقاب وقوع مأساة مباشرة، لكن هذه الموارد تتضاءل بمرور الوقت. وفي الوقت نفسه، قد يستغرق الأمر سنوات حتى يتقبل الأطفال فكرة الموت، وقد لا يدرك البالغون من حولهم أن المشكلات الأكاديمية أو المعرفية أو السلوكية تتعلق غالباً بفقدان أحد الوالدين. وأكدت أن «المشكلة هي أن الأطفال في كثير من الأحيان يستغرقون وقتاً أطول قليلا للوصول إلى الإدراك العاطفي بشأن الحزن والخسارة». وقد تعهدت بلدان قليلة فقط، بما في ذلك الولايات المتحدة، بالتزامات وطنية لمعالجة آثار اليتم المرتبطة بالفيروس.

وفي هذا الصدد، أصدر البيت الأبيض في عهد الرئيس جو بايدن مذكرة يعد فيها بأن الأسر المتضررة ستكون قادرة على الحصول على برامج الدعم و«الاتصال بالموارد التي قد يحتاجون إليها للمساعدة في الشفاء والصحة والرفاه».

* صحفية في «واشنطن بوست».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»