جاء خطاب إحدى جماعات «الإخوان» في البحرين قبل يومين من الانتخابات النيابية، ليؤكد أن «الجمعيات» المحسوبة على هذه الجماعة تتعمد إثارة ما ليس له أي شأن بصناديق الاقتراع التي تحدد تشكيل المجلس التشريعي القادم.

ومع معاناة «الإخوان» من سقوط مدوٍ آخر في سجلهم السياسي بسبب خلافات ما بين جبهاتهم في الخارج، أدرك شباب الجماعة أنهم مجرد ورقة تتلاعب بها قياداتهم عند الحاجة وترمي بهم بعد ذلك للتسول في الشوارع، فشباب «الإخوان» اليوم يعانون الجوع والتشرد الذي أدى قبل أيام عدة إلى انتحار شاب من عناصرهم الذي ألقى بنفسه من الطابق السابع من العقار الذي يسكن فيه، وهو نفس سبب انتحار ثلاثة شباب قبل ثلاثة أعوام في إسطنبول. الجماعة التي يعاني شبابها الجوع والتشرد، أنفقت 50 ألف دولار على مخيم لإحياء ذكرى فض اعتصام رابعة العدوية، وكان أولى بها الإنفاق على عناصرها الذين هربوا من مصر بعد إدانتهم في عمليات عنف وتخريب لحساب الجماعة.

ومع تفاقم انشقاقات الجماعة في الخارج بين جبهتي إسطنبول ولندن، انتشر في البحرين بيان يؤكد أن المنتمين إلى الجمعيات «الإخوانية» سيشاركون في التصويت، ولكنهم يصرون على أن هناك ما يصفونه بـ «تراجع سياسي»، وللأسف فإنه خطاب يتطابق مع بيانات الجماعات التي تستهدف مكتسباتنا وأمننا.

الادعاء الذي ورد في بيانهم بأن هناك تراجعاً سياسياً في البحرين، ينفيه الواقع لأن الشعب البحريني لديه الوعي السياسي الكافي الذي استطاع من خلاله أن يشارك في انتخابات 2022 وتحقيق أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات منذ المشروع الإصلاحي. وحقيقة، فإن قرار ذراعهم السياسي في البحرين بعدم المشاركة بمرشحين مباشرين في الانتخابات، جاء ليغطي فشلهم، وسقوط أقنعتهم التي يرتدونها، حيث لن ينسى الشعب البحريني تأييدهم لإرهاب «الإخوان» في مصر، وتغطية على تصنيفهم كجماعة إرهابية في السعودية والإمارات ومصر.

كما أن عدم دخولهم بمرشحين مباشرين، ووصفهم التطور السياسي في البحرين على أنه تراجع، هي محاولة فاشلة للحفاظ على ما تبقى من ماء وجوههم، فهم يعلمون جيداً أن الشعب البحريني يرفضهم. الجمعيات البحرينية الأخرى التي صححت توجهاتها لتصبح وطنية وغير طائفية، سواء سُنية أو شيعية، نجحت في الحصول على مقاعد في البرلمان، بينما أصر ذراع «الإخوان» السياسي على الإساءة لمن لا ينتمي لهم وتشويه صورته، خصوصاً من النواب المستقلين. ولم تقف التصريحات «الإخوانية» عند الإساءة إلى النواب المستقلين، بل حاولوا شق الصف الوطني باستخدام ملف توقيع البحرين على الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل وإصرارهم على أنهم الأعلم بمصلحة الشعب البحريني من القيادة الحكيمة.

لم يدرك «الإخوان» بعد أن التشكيك في القرارات السيادية أمر مرفوض، وأن إقحام الاتفاق الإبراهيمي لا يمت بصلة بتشكيل المجلس التشريعي، بل يهدف فقط إلى زرع الفتنة وتشكيك الشعب في القرارات السيادية. وقد آن الأوان لوضع حد لخطابات «الإخوان» التحريضية التي تدس سموم الأيديولوجية المتطرفة، والتي تؤثر على شبابنا وعلى ولائهم وانتمائهم وإيمانهم بقرارات القيادة التي تصب فقط في مصلحة الوطن والمواطن.

* إعلامية وكاتبة بحرينية.