يحبُّ المصريون الإمارات والإماراتيين، وهو حب ممتدّ منذ عهد الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، ثم إنه ممتدٌّ إلى الآن، وما بعد الآن.. فالعلاقات بين القاهرة وأبوظبي تتواصل قوتها وتتعزز روابطها كل يوم.

ثمّة مسارات عديدة قطعتها دولة الإمارات في تاريخها الحافل بالنجاحات والإنجازات، ولكنني أوّد التوقّف هنا عند المسار العلمي والتعليمي، والذي تحصد الدولة نتائجه اليوم في الإعداد الرائع لوصول «المستكشف راشد» إلى القمر، لتصبح الإمارات رابع دولة بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق والصين في الوصول إلى سطح القمر. بدأ طريق التعليم والعلم والبحث العلمي منذ تأسيس الدولة عام 1971، فبعد خمس سنوات فقط من إنجاز الاتحاد، تأسست جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 1976، وتم افتتاحها عام 1977، وفي عام 1986 تأسست كلية الطب والعلوم الصحيّة، وفي عام 1988 تم إنشاء كلية التقنية العليا.

واصلت دولة الإمارات طريقها نحو تعظيم دور التعليم والعلم، ففي عام 1997 تأسست جامعة الشارقة، وفي عام 1998 تأسست جامعة زايد، وفي عام 2003 تأسست جامعة أبوظبي، ثم في عام 2007 تم إطلاق «كلية إنسياد لإدارة الأعمال» في أبوظبي، كما تم افتتاح «جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا»، وبعدها تأسس «معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا»، وفي عام 2010 التحقت أول دفعة من الطلاب بجامعة نيويورك في أبوظبي.

بالتوازي مع ذلك يمكننا رصد مسار رائع للتطور الكبير الذي حدث في حقل الفضاء، إذْ لم يكن الوصول إلى المريخ أو القمر بالحدث المفاجئ، بل كان نتاج إرادة حقيقية وخطوات مدروسة جرى التخطيط لها عاماً بعد عام. قبل أكثر من ثلاثين عاماً تأسست كلية الإمارات للطيران في عام 1991، وبعد عشر سنوات تم إطلاق القمر الصناعي «ثريا» عام 2001، وهو أول قمر من صنع شركة بوينج، وبعد خمس سنوات كانت النقلة الكبرى بتأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء عام 2006، لتبدأ رحلة نجاح مثيرة وصولاً إلى المريخ.

في عام 2009 تم إطلاق القمر الصناعي «دبي سات»، وهو أول قمر صناعي تطلقه الإمارات لأغراض الرصد البيئي، وفي عام 2013 تم إطلاق القمر «دبي سات-2». في عام 2011 تم إطلاق القمر «الياه - 1» وبعد عام تم إطلاق القمر «إلياه - 2». ولمّا جاء عام 2014 كانت نقلة كبرى أخرى، حيث تم تأسيس وكالة الفضاء الإماراتية.

بعد عام واحد، وفي عام 2015، تم الإعلان عن المشروع الطموح للوصول إلى المريخ «مشروع مسبار الأمل». في عام 2017 تم إطلاق أول قمر نانومتري، وفي عام 2018 تم إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء، وتوقيع اتفاقية تعاون مع وكالة ناسا.

وبعد عام واحد كان العالم يشاهد أول رائد فضاء إماراتي يصل المحطة الفضائية الدولية، وفي عام 2021 تم الإعلان عن أول رائدة فضاء عربية. وهكذا كانت المسيرة في حقل الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، وكانت المسيرة المدهشة في حقل الفضاء، وصولاً إلى المريخ والقمر. كل التهنئة لدولة الإمارات العربية المتحدة في عيد الاتحاد الحادي والخمسين، كل نبأ سارّ للإمارات هو نبأ سارّ لنا.

*كاتب مصري