تدين صناعة النفط في ألاسكا بالكثير للخصوم الأجانب. فقد بدأ الازدهار في أول الأمر في منطقة نورث سلوب في أواخر السبعينيات، حين ألهم الذعرُ القوميُّ الناجم عن الحظر النفطي العربي الكونجرس للمضي قدماً في إقرار ترخيص خط أنابيب عبر ألاسكا، ما قلص أعواماً من النزاعات القانونية. وبحلول أواخر الثمانينيات، أصبح النفط يتدفق من الولاية بمعدل مليوني برميل يومياً، فيما كان يعادل ربع الإنتاج الأميركي حينذاك. لكنه انخفض الآن إلى أقل من 450 برميل يومياً، بعد أن استحوذ الصخر الزيتي على لب صناعة النفط المتقلبة. والقلق الجيوسياسي هو الدافع الأساسي وراء الأخبار التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية ومفادها أن إدارة الرئيس جو بايدن منحت الموافقةَ على مشروع جديد في ألاسكا قد يضخ حياة جديدة في نفط الولاية. 
ومن المتوقع أن ينتج مشروع ويلو لشركة كونوكوفيليبس الذي تبلغ كلفته ثمانية مليارات دولار، نحو 180 ألف برميل يومياً في ذروته، أي ما يعادل 40 بالمئة من إجمالي إنتاج النفط الحالي للولاية. ويعد إصدار وزارة الداخلية الأميركية (المعنية بالأراضي والموارد الطبيعية في الولايات) مراجعةً بيئية تقدم دعماً حذراً لخطة تنقيب يتقلص تدريجياً، مرحلةً مهمةً في هذا الصدد، لكنها ليست ضماناً بالموافقة الرسمية حتى الآن. وعارض محتجون تأثير المشروع على البيئة المحلية وانبعاثات الكربون التي لا مفر منها على منطقة ويلو التي تقع على الحافة الشرقية من محمية البترول الوطنية البحرية الاتحادية في ألاسكا التي تم تحديدها منذ قرن. وتمثل انبعاثات الكربون مشكلةً كبيرة بشكل خاص للرئيس بايدن الذي أثبت حسن نواياه منذ اليوم الأول في السلطة بوقف خط أنابيب كيستون. 
لكن كما حدث مع سلفه الرئيس ريتشارد نيكسون قبل نصف قرن، جاءت الأحداث بما كان لا يشتهيه. فقد نبهت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الأميركيين إلى أن مضخات الوقود ما زلت تسحب ما تضخه في نهاية المطاف من بعض الدول المعادية. ونبهت الحربُ أيضاً «الديمقراطيين» إلى أن أسعار الوقود في محطات التزود به، والتي سجلت رقماً قياسياً في الصيف الماضي، قد تضرهم سياسياً. وقد أنقذ بايدن سماحه على نحو غير مسبوق بضخ 180 مليون برميل من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي. وإذا كان الانهيار المرتبط بالجائحة في حصة الطاقة من المحفظة الأميركية قد شجّع بايدن على الميل نحو الطاقة الخضراء عام 2021، فإن الظهور المفاجئ لصدمة الإمداد القديمة قد أجبره على اتخاذ موقف أكثر دقة. ورغبته في أن يكثف منتجو النفط المحليون في المدى القريب، ثم يتراجعون تدريجياً عن التنقيب، تتماشى تماماً مع تحول منتظم للطاقة. وما زال مشروع التنويع بعيداً عن الوقود الأحفوري أمراً حيوياً ليس فقط للتعامل مع الانبعاثات ولكن أيضاً لتقليص الاعتماد على دول مثل روسيا.
إلا أن الأنشطة الاقتصادية، خاصة الضاربة منها بجذورها في الاقتصاد منذ فترات زمنية طويلة مثل النفط والغاز، تميل إلى عدم المضي بهدوء. ولم يفلح خطاب بايدن المفاجئ أيضاً في حثه منتجي النفط الأميركيين على زيادة إنتاج المجهود شبه الحربي ذات مرة ثم انتقادهم في اليوم التالي! وفي عالم مثالي، كان من الممكن أن يتم قبول الإجماع العلمي بشأن تغير المناخ على نطاق واسع منذ عقود، ووضع حلول اقتصادية ناجعة، مثل ضريبة الكربون، لتغيير تفضيلاتنا في الطاقة. لكن في العالَم الواقعي الذي نعيش فيه، لم تمض سياسة المناخ الأميركية قدماً إلى الأمام إلا بعد تأييد بفارق ضئيل للغاية في مجلس الشيوخ للإعانات. وأي سياسي يأمل في فرض مزيد من الإجراءات لإحباط إنتاج الوقود الأحفوري في سوق اليوم، ينبغي أن يكون قد سئم من وظيفته. صحيح أن ويلو، مثل كيستون، أصبحت قضية مناخية شهيرة، لكن إنكارها سيكون هدية ضمنيةً لروسيا وشركائها في «أوبك+»، ناهيك عن السياسات الغريبة بعد سحب احتياطي النفط الاستراتيجي. 
وهناك توترات مماثلة على المستوى المحلي، حيث تتم الموازنة بين تأثير المشروعات على البيئة الطبيعية وأساليب حياة المجتمعات الأصلية وبين الرغبة في الوظائف والبنية التحتية والدخل. وقانون تسوية مطالبات السكان الأصليين في ألاسكا لعام 1971 وضَعَ قاعدةً لهذه الآلية يمنح الشركات المحلية حصةً اقتصادية مباشرة في المناجم وحقول النفط وغيرها من المشروعات. وترى الخبيرةُ الإقليمية هيذر إكسنر-بيروت أن مناطق القطب الشمالي وشبه القطب الشمالي هي «موارد الأطراف» المدينة بالفضل اقتصادياً لتنمية تلك الموارد وتغيير العلاقات مع الحكومات الوطنية البعيدة. وعانت الولايات المتحدة ككل عامين من النمو السلبي في الإنتاج المحلي الإجمالي منذ أواخر التسعينيات، وشهدت ألاسكا عشرةَ أعوام، أي عقد من الركود في حياة جيل واحد. 
ويذكر أن ماري بيلتولا، النائبة الوحيدة لألاسكا في الكونجرس، وهي «ديمقراطية»، أيدت مشروع ويلو، إلى جانب ممثلي قبائل انوبيات المحلية والحكومة الإقليمية. وعلى بايدن أن يضع في اعتباره أن ألاسكا موطنٌ أيضاً لمخزون كبير من المعادن المهمة، في جهوده لإزالة الكربون الذي تتسبب فيه الولايات المتحدة، مثل الجرافيت والكوبالت ومعادن الأرض النادرة. وترتكز أي آمال في تطوير هذا على علاقات واشنطن مع الجماعات المحلية التي يتعين عليها في نهاية المطاف تقديم الدعم والقوة العاملة، وفي بعض الحالات، امتلاك حصة مباشرة في مثل هذه المشروعات. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنيج آند سينديكيشن»