على الرغم من أن نتائج استطلاعات الرأي ما زالت تُظهر بأن الرئيس جو بايدن يفتقر للشعبية، إلا أن قدراً متزايداً من الفضل يُنسب إليه في مرونة الاقتصاد، وإدارته العامة لجائحة كوفيد، ودعمه القوي لحلف «الناتو» وأوكرانيا في أعقاب العملية العسكرية الروسية قبل عام من الآن. ويظل بايدن المرشح الأرجح لقيادة «الديمقراطيين» في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
غير أنه يجب على بايدن وحزبه، بما في ذلك المنافسون المحتملون لزعامته، مواجهة حقيقة أنهم في وضعٍ ضعيف وهش بخصوص عدد من الموضوعات. وفي هذا الصدد تبرز ثلاث مشاكل بشكل خاص هي: زيادة الهجرة غير القانونية عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، والفوضى والجريمة المتعلقة بأعداد كبيرة من الأشخاص المشردين الذين يعيشون في شوارع المدن الكبيرة، وبعض القضايا الثقافية المتعلقة بالتعليم والأسرة. 
ووفقاً لوكالة «الجمارك وحماية الحدود الأميركية»، التي تُعد فرعاً من وزارة الأمن الداخلي، فقد وصل مجموع المهاجرين الذين عبروا إلى الولايات المتحدة في عام 2022 إلى 2,76 مليون مهاجر، وهو ما يحطّم الأرقام السابقة بأكثر من مليون مهاجر. هذه الزيادة شملت الفارين من فنزويلا وكوبا ونيكارغوا. وهذه أعداد ضخمة فاقت قدرات موظفي أمن الحدود الذين يعانون أصلا من كثرة الأعباء الملقاة على عاتقهم. وإلى أن تغيّر الولاياتُ المتحدة سياساتِها المتعلقة بالهجرة تغييراً جذرياً أو تنتفي الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى الفرار من بلدانهم، فإن المشكلة لن تزداد إلا استفحالاً على الأرجح. وأياً تكن الإدارة التي تتولى السلطة فإنها ستحمَّل مسؤولية الكارثة. وكان «الجمهوريون» فعّالين جداً في إلقاء اللوم على «الديمقراطيين» الليبراليين. هذا في حين لجأ بعض المنتقدين إلى نظريات المؤامرة، إذ يحاججون بأن الديمقراطيين يريدون مزيداً من الهجرة قصد زيادة عدد الناخبين المحتملين الذين سيدعمونهم في الانتخابات في حال مُنح المهاجرون الجنسيةَ. 
المثير للقلق أيضاً هو إخفاق الإدارات المتعاقبة، وكذلك حكومات الولايات، في الحد من عدد الأشخاص الذين يعيشون في شوارع المدن في مخيمات كبيرة تتفشى فيها الجريمة واستهلاك المخدرات وانعدام النظافة والظروف الصحية. السبب الأساسي لهذا الوضع البائس هو غياب سكن بأسعار تكون في متناول الفئات الفقيرة من السكان. واللافت أن بعضَ أبرز المدن التي تنتشر فيها هذه الظاهرة، مثل نيويورك ولوس أنجليس وبورتلاند وسياتل وسان فرانسيسكو، توجد تحت إدارة «ديمقراطية». ولو أراد حاكم ولاية كاليفورنيا الطموح، غيفن نيوسم، تحدي بايدن على زعامة الحزب، فالأرجح أنه سيتعرض لانتقادات شديدة تتضمن مقاطع فيديو للسكان المشرَّدين في ولايته. 
وإذا كانت الهجرة والتشرد مشكلتين يتعين على كلا الحزبين معالجتهما، فإن مشاعر الحقد والمرارة على خلفية قضايا ثقافية هي الأكثر إثارة للانقسام والأقل انفتاحاً على حلول تتضمَّن تنازلات. والواقع أنه يمكن تحميل كلا الحزبين مسؤوليةَ العداء المتزايد بسبب ما يمكن تدريسه للأطفال في المدارس، وكيفية التكفير عن الفظاعات التاريخية التي ارتُكبت في حق الأقليات، لاسيما المعاملة التي لقيها الأميركيون الأصليون والأميركيون الأفارقة. أقصى اليسار يؤيد سياسات قوية جداً لجعل الجميع «منتبهاً»، والتي تعني «الوعي بالتحيز العنصري والتمييز والانتباه إليهما». وهذا يعني تدريس التاريخ الأميركي بكل عيوبه الكثيرة. غير أن هذا يمكن أن يؤدي أيضاً إلى «ثقافة الإلغاء» التي تعني في كثير من الأحيان منع متحدثين مثيرين للجدل من الظهور في الأقسام الدراسية والجامعات. كما يؤيد اليسار مقترحات أخرى تتعلق بالأسرة ومثيرة للخلاف. 
ردُّ اليمين المتطرف هو اقتراح قوانين جديدة على صعيد الولايات من شأنها منع المؤسسات من تعليم أي شيء من شأنه التسبب في «شعور بالذنب أو الألم الذهني أو أي شكل من أشكال الضيق النفسي». كما يرغب في منع أشخاص معينين من المشاركة في الأنشطة الرياضية التقليدية الخاصة بالذكور والإناث. 
«الديمقراطيون» يريدون أن يجعلوا من انتخابات عام 2024 انتخابات تتعلق بالانشغالات العملية اليومية، من قبيل الأجور والتوظيف والهواء النظيف ودعم الأطفال والضمان الاجتماعي. ويعتقدون أنه إذا كان التضخم تحت السيطرة، فإنه ستكون لديهم ورقة رابحة حين يحين موعد الانتخابات. وبالمقابل، يراهن «الجمهوريون» على أن مواضيع المهاجرين والجريمة والمخدرات والقسم الدراسي والنوع.. ستحظى بدعم وتأييد ناخبي الطبقة المتوسطة من سكان الضواحي الذين يرون أن الآباء هم الذين ينبغي أن يحدّدوا الأشياء التي تدرَّس في المدارس، وليس المسؤولين البيروقراطيين. 

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال إنترست»- واشنطن