من أهم ملامح الديمقراطية في دول الخليج إمكانية الوصول إلى الحاكم أو الرئيس أو الملك والأمير للبوح بما يجول في الصدور من الشأن العام، هذا هو قمة الديمقراطية.
لذا الغرب الذي يرفع صوته بالديموقراطية، لا يدرك هذه الحقيقة وقد يستبعد حصولها، ولكنها بالنسبة لنا في الخليج واقع مشهود. 
يتوهم البعض، إذا ظن بأن الديمقراطية فقط نظام سياسي، بل هي أشمل من كل ذلك، فهي ثقافة حياة، قبل أن تكون محصورة في صناديق الاقتراع. أشرت في النقاش، بأن النظام السياسي في دولة الإمارات قائم على أساس الشورى، ورئيس الدولة ينتخب كل خمس سنوات والبرلمان معين - وهذا قبل أن يصبح نصفه منتخباً - كما كان حال أميركا عند التأسيس.
وليس بالضرورة أن نشبه الأنظمة الأخرى، إذا الشعب والقيادة والدولة متفقة على هذا النظام الذي يعتمد أساساً على العقد الاجتماعي أكثر من الأنظمة السياسية المختلفة في العالم. ولم يحصل في تاريخ أي نظام سياسي عملية استنساخ ديمقراطية صالحة لكل الشعوب، لأن الفروقات واضحة، رغم مناداة الغرب بأنها ديمقراطية، فلا يوجد نظامان متشابهان بالتفاصيل في شتى المجتمعات، حتى وإنْ سُمي النظام بالديموقراطي. 
عندما هاجم ترامب البرلمان، هل كان يمارس حقه الديمقراطي؟ وكذلك فعلت بريطانيا مع الطلبة الذين خرجوا للمطالبة بتخفيض الرسوم الدراسية، واجهتهم بالمياه الساخنة والهراوات الغليظة من دون اعتبار للنهج الديمقراطي في الحكم. 
لم يعد الغرب يبالي بنشر الديمقراطية بمفهومها الذي تبناه المنظرون في العالم من حوله، كما كان في السابق، فمن باب أولى في العالم العربي من بعد «ربيعه» الدامي.
أن تتقدم عربة الأمن والتنمية على رهان حصان الديمقراطية الخاسر، فأصبحت المعادلة كالتالي: الأمن مقدم على الفوضى التي زعزعت استقرار الدول لأكثر من عقد مضى، والأمن مقدم كذلك على العدل إذا ما حلت الفتن بالمجتمع، كما يقول الإمام أبو حامد الغزالي صاحب إحياء علوم الدين. 
فالمتغيرات كثيرة وقد بعثرت ما سميت بالثوابت لعقود لم تر فيها أضواء «الديمقراطية» مشتعلة، إلا بنيران الفوضى الحارقة للمكتسبات.
* كاتب إماراتي