في معرض السيارات السنوي بواشنطن الأسبوع الماضي، اتجه شون سترايهورن ووالده مباشرةً لسيارة فورد من طراز إف-15 لايتنينج. وفحصا هذه السيارة الكهربائية بعناية وأعجبتهم. لكن سترايهورن قال إنه ليس مستعداً ليكون «من أوائل المشترين» لسيارة تتراوح قيمتها بين 56 ألفاً و100 ألف دولار. وأضاف: «في المستقبل، سينخفض سعر هذه السيارة. وفي الوقت الحالي، يعد الشراء صعباً ومكلفاً للغاية». وأكد والد سترايهورن أنه من الأفضل الانتظار حتى تُثبت السيارةُ جدارتَها، قائلاً: «دع الآخرين يجربون». 
وقد يقوِّض نهجُ الانتظار والترقب الذي يعتمده كثيرون آخرون في المعرض، عنصراً أساسياً في قائمة أولويات إدارة بايدن للطاقة الخضراء، من خلال الدفع نحو جعل السيارات الكهربائية تشكل نصفَ مبيعات السيارات الجديدة بحلول عام 2030. وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بشدة العامَ الماضي حتى شكلت 5.4 بالمئة من سوق الولايات المتحدة، وسجلت طرزٌ كثيرةٌ قوائمَ انتظار طويلة من المشترين. لكن مخاوف المستهلكين بشأن الأسعار المرتفعة والبنية التحتية المتناثرة في الشحن ومخاطر اختبار الطرق للتكنولوجيا الجديدة.. ما زالت تشكّل عقباتٍ أمام شيوع القبول، كما يقول محللون ومشترو سيارات. وقد تساعد الاعتمادات الضريبية الاتحادية الجديدة التي تصل إلى 7500 دولار للسيارات الكهربائية المنتَجة في أميركا الشمالية في تزايد الطلب. لكن الإدارة ما زالت تعمل على تحديد الشروط الدقيقة لحصول السيارات على الاعتمادات الضريبية، ما ترك كثيراً من المستهلكين وتجار السيارات في حيرة من أمرهم. وتأتي الحوافز بعد قفزة مفاجئة في أسعار السيارات على مدى العامين الماضيين، ما دفع كثيراً من المشترين إلى الخروج من أي سوق للسيارات، سواء كانت تعمل بالكهرباء أو بالبنزين.
وبلغ متوسط سعر السيارة الجديدة 49507 دولارات في نهاية العام الماضي، لكن متوسط تكلفة السيارة الكهربائية بالكامل يزيد 24 بالمئة أي يصل 61.448 دولاراً، وفقاً لمزوّد البيانات كيلي بلو بوك. وقال تشارلز تشيسبرو، كبير الاقتصاديين في كوكس أوتوموتيف، في مؤتمر في ديترويت في يناير الماضي: «أصبحت أسعار السيارات المرتفعة هذه بعيدة المنال بالنسبة لمعظم المستهلكين»، في إشارة إلى جميع السيارات، ومنها الكهربائية. ومع طرح مزيد من طرازات السيارات الكهربائية في السوق، تظهر دلائلٌ على أن المنافسة تؤدي إلى انخفاض الأسعار، وهو اتجاه يعتقد بعض المحللين أنه قد يتسارع في الأشهر المقبلة. فقد خفَّضت شركةُ تسلا العملاقة للسيارات الكهربائية الأسعارَ في مناسبات عدة خلال الأسابيع القليلة الماضية، لأن المنافسين اقتطعوا من حصتها في السوق في الولايات المتحدة وخارجها. وجاء في مذكرة بحثية لبنك ستانلي مورجان هذا الأسبوع أن «خفض أسعار تسلا يؤذن بانكماش كبير في سعر السيارات الكهربائية». 
وتيسير الحصول على السيارات الكهربائية مازال محورياً لسياسة الطاقة الخضراء في الولايات المتحدة. وتوجه إدارة بايدن وأنصارها في الكونجرس عشرات المليارات من الدولارات للمشروع على مدار العقد القادم، واصفين إياه بأنه مفتاح لتعزيز التصنيع الأميركي وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى النصف بحلول عام 2030. ويرى بريت سميث، المحلل في مركز أبحاث السيارات بولاية ميشيجان، أنه «من الناحية الواقعية، هناك أشياء تثير القلق بشأن الحصول على حصة مستهدفة من السوق للسيارات الكهربائية». ولدى إدارة بايدن وسائلٌ تتصدى بها لأسعار السيارات الكهربائية المرتفعة. وذكر مايكل بيروبي، نائب مساعد وزير النقل المستدام في وزارة الطاقة، أن الإعفاءات الضريبية ستخفِّض الكلفةَ الأوليةَ لكثير من الأميركيين، في حين أن تكنولوجيا البطاريات الجديدة ستخفض تكلفةَ المركبات الكهربائية مع مرور الوقت. وتحدَّث أيضاً عن الادخار على المدى الطويل نتيجة التحول إلى الكهرباء. وأضاف: «يمكن تحقيق وفورات بالطبع في الصيانة، لأن السيارات الكهربائية أقل 40 بالمئة في تكلفة الصيانة والإصلاح. وتكلفة وقود السيارة الكهربائية أقل كثيراً. فالسيارة التي تعمل بالبنزين تحتاج اليوم 49 دولاراً لملء خزانها بالوقود، بينما تحتاج السيارة الكهربائية 14 دولاراً إذا شحنها المرءُ في المنزل ونحو 27 دولاراً إذا شحنها في الخارج، لقطع المسافة نفسها». 

وما زال صانعو السيارات الكبار متفائلين، ويستثمرون عشرات المليارات من الدولارات لإنتاج عشرات السيارات الكهربائية في الأشهر المقبلة. وفي مؤتمر السيارات في ديترويت في يناير الماضي، عرض دان نيكلسون، نائب رئيس جنرال موتورز، جميعَ الطرز الكهربائية التي تخطط الشركة لإطلاقها في الأشهر المقبلة، بما في ذلك سيلفرادو بيك أب وكاديلاك سيليستيك وسيارة إكوينوكس الرياضية متعددة الاستخدامات. وتقول جنرال موتورز إن سعر إكوينوكس يبدأ من 30 ألف دولار. وهناك مزيد من الخيارات من الطرازات منخفضة السعر، بما في ذلك طراز تشيفي بولت الذي يبلغ سعره 27 ألف دولار تقريباً، ما سيساعد في جذب المستهلكين.
ويعتقد نيكلسون أنه حين تمنح العملاء خياراً، سيكون الطلب أعلى مما يعتقد كثير من الناس. وعبر رود لاتشي، العضو المنتدب لشركة وولف ريسيرش، عن أمله في أن تؤدي المنافسةُ والحوافزُ الواردةُ في قانون خفض التضخم الذي تم إقراره في الآونة الأخيرة، إلى خفض تكلفة المركبات الكهربائية. وبالإضافة إلى الإعفاء الضريبي للمشترين، يمنح القانونُ إعفاءاتٍ ضريبيةً سخيةً لمصنِّعي بطاريات السيارات في الولايات المتحدة. وذكر لاتشي في المؤتمر إنه إذا تم نقل بعض هذه المدخرات إلى المستهلكين، فقد تنخفض أسعار بعض الطرازات بشكل كبير. لكن لاتشي يرى أنه بغض النظر عن السعر، فقد تلوح في الأفق مشكلة كبيرة أخرى. وما زال الافتقار إلى البنية التحتية للشحن والتقارير المتكررة عن أجهزة الشحن المتعطّلة مصدرَ إزعاج لأصحاب السيارات الكهربائية. ويرى أن هذه المشكلات ما لم تعالج قريباً فقد تَضرُّ بالصناعة لبعض الوقت.
ويستهدف البيتُ الأبيض معالجةَ هذه المشكلة عبر قانون البنية التحتية الذي وقّعه الرئيسُ جو بايدن عام 2021 والذي يوفّر 7.5 مليار دولار لدعم بناء محطات شحن المركبات الكهربائية. وذكر بيروبي، نائب مساعد وزير النقل المستدام، أن الحكومة الاتحادية بدأت في توزيع هذا التمويل على الولايات، ما سيحسن تجربة السائقين بشكل كبير. وأضاف: «الشبكة الموجودة اليوم لم تنتفع بعد من هذه الأموال». وكان مدى توافر محطات الشحن من بين أهم المخاوف التي ذكرها الحاضرون في عرض السيارات. 
وذكر إيد سميث، وهو متقاعد يقيم في العاصمة، أنه يريد اقتناء سيارة كهربائية، لكنه أكثر قلقاً بشأن التكلفة. وقال، بعد أن فحص سيارة تشيفي بولت الكهربائية، «أعتقد أن السيارات الكهربائية باهظة الثمن حالياً. أنا أحب التكنولوجيا، لكن السعرَ بصراحة هو أكثر أهمية لي». وسيارة تشيفي بولت مثل السيارات الكهربائية الأخرى المجمَّعة في أميركا الشمالية مؤهلةٌ للحصول على ائتمان ضريبي بقيمة 7500 دولار، وهي ميزة يرى سميث أنها ستجعل السيارةَ في متناوله. لكنه عبَّر عن شكه في المدة التي ستصبح فيها السيارة مؤهلةً للحصول على الائتمان الكامل، نظراً لأن إدارة بايدن ما زالت تضع اللمسات الأخيرة على القواعد. وذكرت وزارة الخزانة أنها ستطرح القواعدَ الجديدةَ في مارس الجاري. 
ويقول مديرو في صناعة السيارات إن تجاراً كثيرين مرتبكون أيضاً بشأن هذه النقطة، ما يصعِّب عليهم الترويج للإعفاءات الضريبية للمشترين المحتملين. وذكر ماثيو يبارا، المتحدث باسم جنرال موتورز، أن الشركة تعتقد أنها «في وضع جيد» لمواصلة التأهل للحصول على ائتمانات ضريبية لأنها «تسعى جاهدةً وراء فرص توطين أكبر قدر الممكن من سلسلة التوريد». وعبّر معظم الحضور في العرض عن مخاوفهم بشأن الشحن وقدرة البطارية، حتى أثناء فحصهم لطرز السيارات الكهربائية، لكنهم قالوا إنهم يريدون شراء واحدة في المستقبل. 

جين والين
صحفية متخصصة في القضايا الاقتصادية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»