في يوم الثلاثاء الماضي، الرابع من أبريل الجاري، مثُل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمام محكمة مدينة نيويورك حيث وُجهت إليه 34 تهمةً من قبل المدعي العام آلفن براغ. وتتمثل تفاصيل القضية المرفوعة ضد ترامب في أنه خلال الأسابيع التي سبقت انتخابات عام 2016 الرئاسية رتّب لدفع «مال الصمت» لامرأتين كان قد أقام معهما علاقة خارج الزواج، ولم يكن يرغب في تسرّب معلومات بشأن ذلك إلى الصحافة. وندّد ترامب بالقضية المرفوعة ضده واصفاً إياها بـ«مطاردة الساحرات». 
بيد أن هذا ليس سوى واحد من التحديات القانونية التي يواجهها ترامب بينما يستعد للترشح لانتخابات الرئاسة في عام 2024. وتشير الأدلة التي تم الإفراج عنها حتى الآن إلى أن هذه قد تكون أضعف قضية ضده، ويمكن أن تخدم ترشّحه على اعتبار أن كل منافسيه «الجمهوريين» المحتملين يرون أنه كان من الخطأ توجيه تهم إليه حول هذه المسألة. لكن تصميم ترامب على الاستمرار في إخراج وبث كل شكاواه وتظلماته العديدة ضد منتقديه يُضعف نقاطَ القوة في حججه القانونية. 
ومن سوء حظ ترامب أن هناك مواضيع قانونية أكثر جديةً قد تكون أشد خطورةً بالنسبة له. ففي نوفمبر 2022، عيّن وزير العدل الأميركي مدعياً محنكاً، هو جاك سميث، ليكون مستشاراً خاصاً مستقلاً بتفويض للتحقيق في جريمتين محتملتين قد يكون ترامب ارتكبهما خلال رئاسته وبعدها.
الجريمة الأولى تتعلق بمسؤوليته المباشرة يوم 6 يناير 2021 عن التحريض على الاحتجاجات ضد الكونجرس ودعمها، والتي أدت إلى أعنف هجوم على مقر الكونجرس الأميركي منذ إحراق البريطانيين للمبنى السابق خلال حرب 1812-1814. وكان هجوم 6 يناير قد أدى إلى عدد من الوفيات والعديد من الإصابات في صفوف شرطة الكابيتول، إلى جانب تهديدات مباشرة بـ«شنق» مايك بنس، نائب الرئيس ترامب، لقيامه بدوره البروتوكولي كرئيس لمجلس الشيوخ رافضاً إبطالَ فوز جو بايدن في انتخابات 2020. 
أما القضية الثانية التي يبحثها سميث، فتتعلق بازدراء ترامب بأمن وثائق سرية عُثر عليها في محل إقامته في فلوريدا. ولهذا، يمكن أن توجه إليه تهمة عرقلة العدالة على اعتبار أن الحكومة الأميركية قامت بعدة محاولات لاستعادة الوثائق وتعرضت لعرقلة مقصودة من قبل ترامب وموظفيه. 
ثم هناك قضية جدية أخرى يمكن أن تؤدي إلى ملاحقة قضائية تتعلق بمحاولات ترامب التلاعب بنتائج انتخابات 2020 في ولاية جورجيا والتي تم التصديق على فوز بايدن فيها بـ11 ألفاً و779 صوتاً. وفي تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية يمكن سماع ترامب وهو يضغط على براد رافنسبرغر، «الجمهوري» الذي يشغل منصب سكرتير ولاية جورجيا ويشرف على الانتخابات، لـ«إيجاد 11 ألفاً و780 صوتاً» من أجل منح ترامب فوزاً في جورجيا وزيادة عدد الأصوات التي حصل عليها في المجمع الانتخابي. 
وبالإضافة إلى هذه الأنشطة التي قد تكون إجرامية، يواجه ترامب دعوى مدنية تتعلق بتشهيره بامرأة تقول إنه اعتدى عليها في منتصف التسعينيات. كما يخضع للتحقيق من قبل المدعي العام ولاية نيويورك بتهمة الإدلاء ببيانات كاذبة حول بعض ممتلكاته للمبالغة في تقدير قيمتها قصد تسهيل حصوله على قروض بنكية، والتقليل من قيمة الممتلكات نفسها من أجل تقليل الضرائب المستحقة لولاية نيويورك. 
والواقع أن محامي ترامب قد يجدون طريقة لدحض تهم دفع «أموال الصمت» في نيويورك، غير أن مشاكله القانونية بخصوص التهم الأخرى لن تزداد إلا تعقيداً. وقد أتيحت لترامب فرصة ليربأ بنفسه عن كل هذا بعد مثوله أمام محكمة نيويورك حين عاد إلى فلوريدا، لكن أداءه أمام أنصاره المخلصين كان جد متوقع وينم عن قدر كبير من الأنانية، لدرجة لا تبشّر بالخير بالنسبة لفرصه السياسية في الفوز بانتخابات أخرى. 

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز ناشيونال إنترست -واشنطن