هناك الكثير من الأسئلة المهمة والعميقة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، لكن بعضها أسئلة عادية، ومنها على سبيل المثال: هل يجب أن تطالب أنظمة الذكاء الاصطناعي، عندما تؤدي عملاً منتجاً، بدفع الضرائب؟
يمكن لإبداعات الذكاء الاصطناعي بالفعل القيام ببعض الأعمال، مثل المراجعة وتقديم المشورة الطبية والعمل كمعلمين وكتابة البرامج وأمور أخرى كثيرة. والأهم من ذلك، ثمة الآن أنظمة ذكاء اصطناعي مستقلة. لذا سيكون من غير الممكن تخصيص كل دخل الذكاء الاصطناعي لمن يقوم بهذه المهام من البشر أو الشركات، لأنه في كثير من الحالات لن يكون هناك أي دخل.
أحد الخيارات هو السماح لروبوتات الذكاء الاصطناعي بالعمل، لكن أن تكون معفاة من الضرائب. في البداية، قد يجعل ذلك الحياةَ بسيطةً بالنسبة لدائرة الإيرادات الداخلية (مصلحة الضرائب)، لكن ستظهر مشكلة المراجحة الضريبية. والمراجحة الضريبية هي ممارسة الاستفادة من الاختلافات التي تنشأ من طرق فرض الضرائب على أنواع مختلفة من الدخل وأرباح رأس المال والمعاملات. وسيكون لعمالة الذكاء الاصطناعي المعفاة من الضرائب ميزة تنافسية واضحة على نظيرتها البشرية الخاضعة للضريبة. علاوة على ذلك، سيتم إطلاق الكثير من أنظمة الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات العامة. لماذا تمتلك الذكاء الاصطناعي وتدفع الضرائب عندما يمكنك برمجته لأداء مختلف المهام، مثل تقديم العطاءات والتخلي عن الملكية والتمتع بخدماته المعفاة من الضرائب؟ يبدو أنه من السهل للغاية التنصل من ملكية الروبوتات المستقلة.
البديل الواضح هو فرض ضرائب على عمالة أنظمة الذكاء الاصطناعي. وسيتعين على أنظمة الذكاء الاصطناعي العاملة تقديم إقرارات ضريبية، وقد تكون قادرة على القيام بها في المستقبل القريب جداً.
ونظراً لأن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تستمتع بوقت الفراغ، كما يفعل البشر، يمكن القول إنه يجب فرض ضرائب على عملها بمعدل أعلى من عمل البشر. ومع ذلك، لا ينبغي فرض ضرائب كبيرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي. وفي ظل معدلات الضرائب المرتفعة بشكل كبير، سيكون لدى أنظمة الذكاء الاصطناعي مخزون أقل من الثروة للاستثمار في تحسين نفسها، مما سيؤدي بدوره إلى خفض الإيرادات الضريبية طويلة المدى التي يتم تحصيلها من أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ربما يخشى بعضُ الناس من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتميز بصبر وذكاء فائقين ستراكم ثروة كبيرة، سواء من خلال الاستثمارات أو العمالة، وبالتالي سيكون لها تأثير اجتماعي كبير جداً. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى فرض ضريبة الثروة على أنظمة الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ضريبة الدخل. لكن إذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي من المستثمرين الجيدين، فإن البشر سيرغبون أيضاً في الفوائد الاجتماعية التي تنجم عن هذه الميزة، وهذا يعني مرةً أخرى أن معدلات الضرائب أقل بكثير من مستوى المصادرة.
وعلاوة على ذلك، فربما يجب أن يكون هناك نوع من ضريبة «الهدايا»، يدفعها البشر، على أي مزايا نحصل عليها من نظام الذكاء الاصطناعي، سواء أكنا نملكه أم لا. لكن يبدو أن اكتشاف وتقدير قيمة هذه «الهدايا» يتجاوز قدرات مصلحة الضرائب الحالية، حتى لو تم تعزيزها بوساطة بعض مساعدي الذكاء الاصطناعي.
تكمن المشكلة الأساسية هنا في أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تكون جيدةً جداً في تقديم الخدمات العينية، مثل تحسين البرامج التنظيمية والاستجابة لرسائل البريد الإلكتروني.. إلخ. إنها بالفعل تمثل مشكلة للنظام الضريبي عندما يقوم الجيران بتبادل الخدمات، لكن الذكاء الاصطناعي سيأخذ هذا النوع من العلاقة إلى نطاق أوسع بكثير.
أحد الموضوعات الرئيسية في دوائر الذكاء الاصطناعي هو «المواءمة»، أي ما إذا كان يمكن للبشر الاعتماد على وكلاء الذكاء الاصطناعي لتقديم عروضنا، بدلاً من شن هجمات إلكترونية مدمرة أو تدميرنا. هذه الاستثمارات في المواءمة ضرورية ومهمة. لكن كلما نجح البشر في التوافق، زادت مشكلة المراجعة الضريبية.
ليس من الواضح كيف يجب أن يستجيب النظام الضريبي لهذه الاحتمالات الأكثر تعقيداً. على المدى القصير، من المحتمل أن تكون هذه المشاكل صغيرة. لكن التقدم في خدمات الذكاء الاصطناعي كان سريعاً للغاية مؤخراً، وقد يستمر هذا الاتجاه.
قد يأخذ التحليلُ الأعمقُ في الاعتبار أنظمةَ الذكاء الاصطناعي التي طورت ميولاً للعمل أقل بكثير إذا تم فرض ضرائب عليها بمعدل مرتفع للغاية. سيؤدي ذلك بدوره إلى خفض معدل الضريبة الأمثل على أنظمة الذكاء الاصطناعي. ماذا لو رفض نظام للذكاء الاصطناعي العمل على الإطلاق، بأي معدل ضريبي إيجابي؟ ماذا لو وعدت إستونيا أو السلفادور بالسماح لأنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما بالعمل معفاةً من الضرائب، أو بمعدلات 5%؟ هل سيفوز البشر أم الذكاء الاصطناعي؟

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»