تُعنى المواثيق الدولية كافة، الخاصة بحقوق الإنسان، بشكل كبير بقضية الحق في الخصوصية، وتُعطيه أهمية مركزية، كونه أحد الحقوق الأساسية اللصيقة بشخصية الإنسان، كما أن الأديان السماوية، وفي مقدّمتها الإسلام، تُظهر حرصاً كبيراً على احترام خصوصية الإنسان، على النحو الذي يكفَل حريته. وتُعدّ دولة الإمارات من الدول الرائدة في مجال احترام الحق في الخصوصية، انطلاقاً من هويتها الحضارية واحترامها للمبادئ الراسخة التي أقرّتها المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان، الذي يشهد الكثير من التطورات النوعية باتجاه تعزيز هذه الحقوق وترسيخها في المجالات كافة.

ويستند احترام الحق في الخصوصية في دولة الإمارات إلى أُسس متينة، حيث كفِل دستور الدولة احترام هذا الحق في العديد من موادّه، ومنها المادة (26) التي تنصّ على حماية القانون للحرية الشخصية للمواطنين كافة، وعدم جواز القبض على أحد أو تفتيشه، أو حجزه، أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، كما تنصّ المادة (28) على أن المتّهم بريء حتى تثبُت إدانته في محاكمة قانونية وعادلة، وللمتّهم الحق في توكيل من يقوم بالدفاع عنه.

وقد عملت الإمارات بشكل متواصل على تعزيز البنية التشريعية لترسيخ منظومة حقوق الإنسان، وفي مقدّمتها الحق في الخصوصية، وهنا تجدر الإشارة على سبيل المثال لا الحصر إلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، والذي نصَّ في المادة (44) على أنه يُعاقَب بالحبس مدةً لا تقلّ عن (6) أشهر، والغرامة التي لا تقلّ عن (150,000) درهم، ولا تزيد على (500,000) درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كلّ من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونيّاً، بقصد الاعتداء على خصوصية شخص أو على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، من غير رضا وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

وفي ظل ما أقرّه الدستور والقوانين ذات الصلة، تؤكد المؤسسات المسؤولة على حرمة الحق في الخصوصية، وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى بيان النيابة العامة الذي صدَر الأسبوع الماضي، والذي أكد أن جميع مؤسسات الدولة ملتزمة بحماية الحقوق الدستورية والقانونية للمواطنين والمقيمين والزوار، وأن جميع الإجراءات التي تتخذها المؤسسات والجهات الأمنية تتم وفقاً للقانون، وتحت إشراف النيابة العامة، ولا تتم هذه الإجراءات إلا بموافقة النائب العام وحده، وفقاً للضوابط المحددة في دستور الدولة وقوانينها، وتحت إشراف كامل من السُّلطة القضائية.

إن حرمة الحياة الخاصة تمثّل أحد أهم حقوق الإنسان، ويقاس تقدُّم الشعوب والمجتمعات بمدى احترامها للحياة الخاصة للأفراد، ودولة الإمارات بما لديها من خصوصية حضارية والتزام بالمواثيق الدولية واستناداً إلى دستورها وإطارها القانوني، تُقدّم نموذجاً خاصّاً في احترام خصوصية الأفراد، يعطى المزيد من الجاذبية لنموذجها التنموي المتميز.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.