أربعة رؤوس كبار تتصارع من جديد لتعزيز نفوذها في أفريقيا، وما يجري اليوم في النيجر من تبعية لدولتين فرنسا وروسيا، وأيضاً ما يجري في السودان وكينيا وإثيوبيا والصومال، وغيرها من الدول الأفريقية مخطط ماض في هذا الاتجاه.
لا ننسى المجزرة التي تعرض لها التوتسي في راوندا التي حصدت مليون روح في السنوات الأولى من تسعينيات القرن الماضي، ثم السلام الذي تنعم به رواندا اليوم والازدهار وفقًا لما يراه الزائرون هناك سواء سياح أو رجال أعمال. ومن قبل ذلك، ما حدث في جنوب أفريقيا لقرابة أربعة قرون حتى حضر زمن نيلسون مانديلا، فحل السلام والوئام بين البيض والسود، وإن لم يخل الوضع من بعض الاضطرابات السياسية ولكنها ليست كالسابق.
الدول التي تتنافس على أفريقيا هي: أميركا وفرنسا وروسيا والصين. أميركا استفادت من انشغال روسيا بحرب أوكرانيا، واستغلت هذا الظرف لدعوة 49 دولة أفريقية من غير أي مقدمات، إلى مؤتمر عاجل، بحيث لم يتمكن الإعلام من نشر أخبار استباقية عنه.
لقد نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم بأن القادة الأفارقة والمسؤولين الأميركيين لديهم وجهات نظر مختلفة حول حل الصراع في أوكرانيا.
يعارض الأفارقة فكرة «معاقبة روسيا» وفكرة الإصرار على أن كييف يجب أن توافق على الحل، القادة الأفارقة أوضحوا للبيت الأبيض أنهم يريدون ببساطة إنهاء الصراع، ورؤية حل دبلوماسي له.
الإدارة الأميركية تسعى إلى التأكيد على الشراكة في تعاملها مع الدول الأفريقية، وسط المنافسة العميقة على النفوذ مع القوى العالمية الأخرى.
فرنسا تعتبر نفسها هي صاحبة النفوذ الأوحد من عهد الاستعمار البائد، ويبدو أنها صحت على حين غرة، لترى أمامها منافسين أشداء، ولكن ليسوا رحماء بينهم بسبب تضارب المصالح.
وفي بداية مارس 2023، قام «ماكرون» بجولة أفريقية إلى أربع دول في وسط أفريقيا، لتعميق علاقات فرنسا مع «القارة السمراء»، كان القادة الذين التقوا به ذو مراس شديد معه أثناء المؤتمر، فقال أحدهم: بأن أفريقيا لم تعد تمارس التسول من أجل بضعة ملايين من المساعدات مقابل مليارات الدولارات التي تستنزف منها منذ قرون، وأن هذا الوضع لم يعد مقبولا من الآن فصاعدا.
وصرح ماكرون أثناء تواجده في الغابون إن عصر التدخل الفرنسي في أفريقيا «قد انتهى». مؤكدًا أن بلاده لا تبدي أيّ رغبة في العودة إلى سياساتها السابقة بالتدخل في أفريقيا. وبعده أدلى المتحدث باسم الخارجية الفرنسية بحديث لوسائل الإعلام ذكر فيها بأن:
فرنسا لا تخوض سباقًا على النفوذ مع الصين وروسيا في القارة الأفريقية، وباريس ستستمر في التعاون مع البلدان الأفريقية في مختلف المجالات بعد خفض تواجدها العسكري «بالقارة السمراء»، وأضاف: «إن علاقاتنا مع الدول الأفريقية غير محصورة في الشق العسكري، هناك تراث مشترك بين أفريقيا وفرنسا ومستعدون للتجاوب مع كل الطلبات التي ستقدمها الحكومات الأفريقية، فيما يتعلق بالأمن والاقتصاد».

*كاتب إماراتي