الإرجاف أشد من الإشاعة، لأن الإشاعة عامة في نقل جميع الأخبار، حسنها وسيئها، أما الإرجاف فهو خاص بنقل الأخبار السيئة والتضليل الإعلامي وهو حرام، لأنَّ فيه أذية للمسلمين، قال الله -تعالى- عن المُرجفين في المدينة ونحوهم: (لئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) [الأحزاب:60-61]. واللَّعن لا يكون إلاَّ على الذنب الكبير.

الإرجاف (مصطلحاً) إشاعة كل ما يضعف القوى المعنوية من الكذب والباطل. يَغُلّون ويخونون في الغنيمة. وقيل الأراجيف ملاحقي الفتن.هم كالفراشات تهوى لهيب النار فتسقط صرعى.استنوا بشريعة الغل والدنيئة. والإرجاف: هو إشاعة الباطل للاغتنام به، وإذا كان بالغيبة فهو محرمٌ شرعاً، قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].

وكأنّي بالآية الكريمة تستشف ما يحصل الآن، من بث الإشاعات والفتن، بالأحاديث الملفقة ونقل المعلومات الزائفة، بالكتابة والصوت والصورة، لتكتمل دائرة الإرجاف! 
المرجفون يستبيحون الكذب، على الآخرين، في سبيل تنفيذ مخططات ماكرة عملا بمبدأ: الغاية تبرر الوسيلة؟! وهذا هو الأرجح من حالهم، ويتكرُّر كذبهم، ظناً منهم أنهم قادرون على تمرير حيلهم ولو لفترة قصيرة. والتضحية بمن سجلوهم تحت أسماء وحسابات وهمية، في وسائل الإعلام الاجتماعي !؟


مرجفو المدينة، أبعد ما يكونون عن الحقيقة، فترى في ادّعاءاتهم، تضليلات إعلامية، مشوشة، فلذلك يتدثرون بأسماء وهمية، ويبثون رسائلهم التحريضية.اعتمد هؤلاء المجاهيل وهماً، أن هذه الأساليب الملتوية، توصلهم إلى غاياتهم الخبيثة، وأقصى ما يتوصلون إليه في دعواهم، تبني النعوت، بتخادمهم مع أعداء الوطن.. هذا ما عهدوا إليه خلال معارضتهم غير الشريفة لبلدانهم. تارة بالتهويل والتضخيم وتحريف الواقع، لرمي هذه الدولة أو تلك بالكفر والردة..! وتارة بهدف ممارسة الإرهاب الفكري والانتصار للتكفيريين والمتطرفين والإرهابيين وخذلان الناس عن التصدي لأفكارهم، فيما يرون كل من وقف أمام التطرف والإرهاب والأفكار الثورية محارباً للإسلام والمسلمين.. ولو كانوا صادقين لاستنكروا الجرائم المفجعة والمجازر المروعة التي تمارسها التنظيمات المتطرفة ضد المسلمين في العراق وسوريا وفي اليمن والصومال. ولم نسمع من هؤلاء كلمة واحدة في استنكار هذه الجرائم! فهم مخمومون، أمشاج، وقد نسجوا فريتهم، على مقدمات فاسدة على طريقة الخوارج، فزعموا أن بلادهم تناصر الكفار ضد المسلمين!! وهي دعوى مفضوحة، يعرف كل عاقل كذبها ودجلها، وإذا كان عند هؤلاء جرأة، أظهروا أنفسهم، لرأينا أنهم هم العملاء لأعداء الدين!

وكل حصيف بصير، يرى في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين وعون الإنسان في الداخل والخارج، وشعائر الإسلام فيها ظاهرة، والمساجد فيها قائمة، وأعمال الخير والبر والإحسان ممدودة في طول البلاد وعرضها، وعلى المستوى الخارجي، فالأعمال الإغاثية لنجدة المستضعفين والمنكوبين من المسلمين في كل مكان مشهودة.

إن الواقع ينبئ عن وجود جهات معادية تتربص بالأمة شرّاً، توظِّف هؤلاء المرجفين وأصحاب الغلو وتجار الدين لضرب الدول العربية والإسلامية وتمزيقها وإضعاف قوتها، وتوظِّف أفكار تنظيم «القاعدة» و«داعش» والجماعات المتطرفة لتنفيذ مخططاتهم..
المرجفون الأخلاط فاشلون سياسةً وساقطون تاريخاً، آبقون، اتخذوا الإرجاف فراشاً ودثاراً فكرياً، واختلط فيهم حابل الحقيقة بنابل الوهم، يحملون في خوابيهم الأزمات. إذا ظهر الحمار بزي خيلٍ تَكشَفَ في أمره عند النهيق..وليعلموا أن التاريخ حصانٌ جامحٌ، لا يمر على بابهم، سوى مرة واحدة! *سفير سابق