قد يتفق قراء موقع Today's WorldView على أنها كانت سنة قاتمة. ففي أوكرانيا، وصل الهجوم المضاد الطاحن ضد روسيا إلى طريق مسدود قاتم. وفي الشرق الأوسط، تفجر الصراع المستمر منذ عقود من الزمن ليتحول إلى حرب غير مسبوقة في قطاع غزة. وقد تم طرد الجزء الأكبر من سكان القطاع من منازلهم، وقُتل حوالي 20 ألف فلسطيني في غضون أسابيع، ويعاني ربع سكان غزة من «الجوع»، بحسب الأمم المتحدة، التي حذرت يوم الخميس الماضي من أن خطر المجاعة في المنطقة «يتزايد كل يوم».
وقال عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، للصحفيين: «الأمر لن يكون أسوأ من ذلك، فلم يسبق لي أن رأيت شيئاً بهذا الحجم الذي يحدث في غزة وبهذه السرعة».
وبينما استحوذت هاتان الحربان على اهتمام وسائل الإعلام العالمية الكبرى طوال معظم عام 2023، استمرت أزمات أخرى. في السودان وميانمار، تعمل الحروب الأهلية المدمرة، على انهيار الدول المختلة بالفعل وإثارة أزمات إنسانية متصاعدة. في منطقة واسعة من جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، عصفت الانقلابات والاستيلاء على السلطة بالمنطقة. وأدى عدم الاستقرار الاجتماعي والضغوط الاقتصادية في مرحلة ما بعد الوباء إلى زيادة موجات الهجرة في جميع أنحاء العالم.
من المحتمل أن يكون عام 2023 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث تجتاح موجات الحر كل القارات، مصحوبة بأحداث مناخية متطرفة أخرى. كما كانت حالات الجفاف والفيضانات أكثر حدة - ويمكن القول إن اللحظة الأكثر إثارة للصدمة جاءت في سبتمبر، عندما أدت الأمطار الغزيرة إلى انهيار السدود والفيضانات العارمة التي أودت بحياة أكثر من 11 ألف شخص في شمال شرق ليبيا.
وفي مواجهة مثل هذه الكارثة، يأمل المرء أن يأتي العام الجديد بأخبار أفضل. ولكن، باعتباري نذيراً متواضعاً للأخبار السيئة، يتعين على أن أعتذر: هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تسوء في عام 2024، والعديد من الأزمات التي ستزداد سوءاً.
إن الحرب في غزة تصل إلى نقطة تحول خطيرة. وبينما تعهد المسؤولون الإسرائيليون بحملة عسكرية طويلة، فإن القتال الحالي يدفع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى حافة الهاوية. وأصبحت المنطقة هي المكان الأكثر دموية في العالم بالنسبة للمدنيين. قبل 7 أكتوبر، عندما شنت حركة «حماس» المسلحة هجومها على جنوب إسرائيل، كان 80% من سكان غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية. والآن، أصبح الجميع بحاجة إلى هذه المساعدات. وبالكاد، فإن قدراً ضئيلاً مما هو مطلوب يصل إلى المنطقة المحاصرة. وتدعو منظمات الإغاثة وعدد لا يحصى من زعماء العالم إلى وقف إطلاق النار وزيادة مساعدات الإغاثة إلى غزة. ولكن في غياب وقف الأعمال العدائية، فإن الحرب قد تهز المنطقة، فتجلب الفصائل المناهضة لإسرائيل المتمركزة في لبنان وسوريا، وتؤدي إلى تدفق غير مسبوق من اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر.

في «قائمة مراقبة الطوارئ» السنوية التي نشرتها هذا الشهر، صنفت لجنة الإنقاذ الدولية الصراع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة باعتباره ثاني أكثر الأزمات الصارخة التي يجب مراقبتها في عام 2024. وكانت الأزمة الأولى هي الحرب الأهلية في السودان التي لم تتم مناقشتها كثيراً، حيث أدت ثمانية أشهر من القتال إلى ترك أكثر من نصف البلاد في حاجة إلى مساعدات إنسانية وأجبرت حوالي 6 ملايين شخص على ترك منازلهم. هناك حوالي 19 مليون طفل من دون تعليم، حيث أدى الصراع إلى إغلاق آلاف المدارس.

وقال الشافعي محمد أحمد، من لجنة الإنقاذ الدولية، في التقرير: «لقد أصبح السودان يمثل أكبر أزمة نزوح في العالم، خاصة في ظل المعوقات التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية والأموال. كما أن الاستقطاب العرقي والقبلي والإقليمي للحرب الحالية يهدد بشكل أكبر إمكانية الوصول المحدودة المتاحة حالياً».

تعد أفريقيا موطناً للجزء الأكبر من النقاط الساخنة المحتملة الأخرى، كما أدرجتها لجنة الإنقاذ الدولية. وتندرج ثلاث دول من «حزام الانقلابات» في غرب أفريقيا - بوركينا فاسو ومالي والنيجر التي يقودها المجلس العسكري - في التصنيف العالمي. يتخبط الجيش البوركينابي في مواجهة تصاعد التشدد الإسلامي، حيث تسيطر الفصائل المتمردة على أكثر من نصف البلاد. وفي مالي والنيجر، حيث تظهر ديناميكيات مماثلة، يؤدي تزايد انعدام الأمن الغذائي وجفاف المساعدات الخارجية إلى دفع الملايين نحو خطر أكبر.

وتمثل الدول العشر الواردة في «قائمة المراقبة» التابعة للجنة الإنقاذ الدولية 86% من جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية على مستوى العالم. ويكمن خلف حالة عدم الاستقرار السياسي التي تستهلك هذه المجتمعات شبح ارتفاع درجة حرارة الكوكب، حيث تؤثر موجات الجفاف وغيرها من الصدمات المناخية على بعض المجتمعات الأكثر ضعفاً في العالم.

لقد نجحت إدارة بايدن في الحفاظ على الدعم الغربي لأوكرانيا. لكن نطاق عملها سيكون مقيداً في عام انتخابي مثير للانقسام، وحتى قدرة واشنطن على تمويل كييف أصبحت موضع شك، ناهيك عن قدرتها على وضع أسلحتها حول أزمات لا تعد ولا تحصى في أماكن أخرى، من الصومال إلى أفغانستان إلى هايتي التي تهيمن عليها العصابات.

وفي آسيا، قد يظهر الصراع الأكبر في ميانمار، حيث يعاني المجلس العسكري الحاكم من هجوم شنه تحالف من الميليشيات المتمردة ويشهد تزايد فرار القوات من صفوفه.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»