يُحيي المجتمع الدولي في الـ 12 من فبراير في كل عام «اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف»، وتسعى الأمم المتحدة من خلال هذه المناسبة إلى التوعية بالتهديدات المرتبطة بالتطرف وتعزيز الجهود الدولية المشتركة للحد من انتشار هذه الظاهرة والتصدي لها. حيث يشكل التطرف تهديداً لأمن الدول واستقرارها، ويعيق تقدمها في مختلف المجالات.

وقد أدركت دولة الإمارات منذ سنوات طويلة خطورة التطرف الذي يفضي للإرهاب، ودعت إلى ضرورة التصدي له إقليمياً وعالمياً، بالتأكيد على أن هذه الظاهرة لا تمتُّ للإسلام بصلة، وهنا تجدر الإشارة إلى قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: «الدين الإسلاميُّ دين تسامح واعتدال، وهو يدعو إلى الحوار والسلام، وإن الجماعات الإرهابية التي تدَّعي الحديث باسمه هي جماعاتٌ منحرفةٌ عن منهجه الصحيح».

وفي ظل تزايد الصراعات العنيفة التي يشهدها العالم باستمرار، تؤكد دولة الإمارات على الدوام موقفها الثابت الداعم لأمن واستقرار ووحدة الدول الشقيقة والصديقة، ورفضها للسياسات الطائفية التي تتسبب في اندلاع الأزمات الأمنية والإنسانية، وتدين الإمارات بشكل قاطع آفة التطرف العابرة للحدود، وتدعم الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى مكافحة الإرهاب واجتثاث جذوره، من خلال اتخاذ كل التدابير الممكنة، ومنها قطع التمويل عن الجماعات الإرهابية، وكشف ومحاسبة الجهات والمنظمات الداعمة والمموّلة للإرهاب، والإمارات هي عضو فاعل في العديد من الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، حيث إنها طرف في نحو 15 اتفاقية في هذا الشأن.

وتبذل دولة الإمارات العربية المتحدة الكثير من الجهود لتحصين المجتمع في مواجهة كل أشكال التطرف والعنصرية، لكي يظل مجتمع الإمارات نموذجاً للتسامح والتعايش المشترك، وليعكس الطابع الإنساني النبيل والراسخ لقيمنا العربية والإسلامية.

وعلى سبيل المثال، لا الحصر، فقد سنت الدولة عدداً من القوانين والتشريعات لتجريم أي عناصر ترتبط بالتنظيمات الإرهابية ومنها، القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والقانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية، ولدى الدولة قائمة يتم تحديثها باستمرار بالكيانات الإرهابية.

وفي سياق متصل، تبذل الدولة جهوداً واضحة في مكافحة التطرف من خلال المراكز الفكرية المتخصصة، من أجل مواجهة شاملة مع الفكر المتطرف، حيث تم إنشاء مراكز عدة لمحاربة التطرف مثل مركز «هداية» الذي يعمل مع حكومات دول المنطقة والعالم بما في ذلك حكومات 63 بلداً مشاركاً في التحالف الدولي ضد التطرف، من أجل دحض الكراهية والتعصب، وإبراز ونشر القيم الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، ومركز «صواب» الذي يعمل على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت لتصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح.

وتعتبر دولة الإمارات من النماذج المتميزة في مجال مكافحة الأنشطة المتطرفة، وهذا يعود إلى التزامها بنهج لا يقوم على مكافحة الإرهاب والتصدي له فحسب، وإنما يمتدُّ لمواجهة الإيديولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف والكراهية وتحرض على القتل والدمار، فضلاً عن وجود قيادة حكيمة تسعى على الدوام إلى تعزيز العمل متعدد الأطراف وبلورة موقف دولي موحد لمواجهة التحديات المشتركة المتعلقة بظاهرة الإرهاب.

وفي ظل مساعي الدولة الحثيثة لمكافحة التطرف وتحصين المجتمع في مواجهة الأفكار الضالة، يحظى مجتمع الإمارات بنموذج راسخ للتعايش المشترك، ويتحتم علينا أن نعي أدوارنا ومسؤولياتنا المشتركة في دعم هذه الجهود، وأن نحرص على تحصين عقولنا والحفاظ على وحدتنا عبر التمسك بقيمنا الوطنية وتعزيزها في نفوس أبنائنا، بما يضمن استمرار مسيرة الوطن وتحقيق طموحاته.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيحية.