لا أحد راضٍ عن نهج الرئيس بايدن تجاه حرب إسرائيل في غزة. ويقول منتقدون من اليسار، إن البيت الأبيض حرض على «إبادة جماعية»، حيث أدت الحملة الإسرائيلية ضد حركة «حماس» المسلحة إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني في قطاع غزة، وتهجير غالبية السكان، وتحويل كامل الأراضي المحاصرة إلى كابوس إنساني تتناثر فيه الأنقاض.

وفي القيام بذلك، حظيت إسرائيل بدعم واضح من الولايات المتحدة، سواء من حيث المساعدات العسكرية الملموسة أو الغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، الأمر الذي أثار استياء الحلفاء والشركاء الأوروبيين في أماكن أخرى.

وعلى الجانب الآخر، يشعر النقاد من اليمين، بما في ذلك في الحزب «الجمهوري»، أن بايدن لا يفعل ما يكفي لدعم إسرائيل بشكل واضح. ويقولون إن بايدن شديد الحساسية بشأن معاناة الفلسطينيين، والتي، على الرغم مما يقرب من نصف عام من الهجوم الإسرائيلي، فإنهم يتمسكون بشكل مباشر بـ«حماس»، التي كان هجومها في 7 أكتوبر على إسرائيل بمثابة أكثر الأيام دموية في التاريخ اليهودي منذ المحرقة (الهولوكوست).

والبعض الآخر، وخاصة أولئك الذين يؤيدون التحالف الفعلي للرئيس السابق دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف، مستاؤون من لفتات بايدن الرمزية لإعادة التوازن إلى العلاقات الأميركية الإسرائيلية.

وتشمل هذه قرار إدارته بفرض عقوبات على حفنة من المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والقرار الأخير بأن المستوطنات الإسرائيلية هناك «تتعارض مع القانون الدولي»، وهو عكس لمبدأ عهد ترامب الذي أيد بشكل مثير للجدل مقابل ذلك.

ويجتمع المسؤولون الأميركيون ونظراؤهم العرب لبحث الخطوط العريضة المحتملة للهدنة التي يمكن التوصل إليها بين إسرائيل و«حماس». وخلال عطلة نهاية الأسبوع، دعت نائبة الرئيس «كامالا هاريس» حركة «حماس» إلى قبول الشروط التي تم طرحها من أجل أن يكون هناك وقف «فوري» لإطلاق النار. وقالت أيضاً، إنه لا توجد «أعذار» لإسرائيل لعدم بذل المزيد من الجهد للسماح بدخول المساعدات إلى غزة التي تتضور جوعاً، حيث تتزايد التقارير عن وفاة الأطفال بسبب سوء التغذية والمرض. وفي هذا الأسبوع في واشنطن، برزت التوترات المتزايدة بين البيت الأبيض ونتنياهو إلى الواجهة.

ربما يكون بايدن قد عرض على إسرائيل دعماً قوياً لها في أعقاب 7 أكتوبر، لكنه يُبقي على نحو متزايد رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر على مسافة بعيدة. وبدلاً من ذلك، يجتمع مسؤولو الإدارة مع منافس نتنياهو الوسطي «بيني جانتس»، وهو أيضاً عضو في الحكومة الإسرائيلية في زمن الحرب. وقد وصل جانتس إلى واشنطن لعقد اجتماعات يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين مع مسؤولي الإدارة، بما في ذلك نائبة الرئيس كامالا هاريس، وكذلك عدد من المشرعين «الديمقراطيين» و«الجمهوريين».

وبالنسبة للبيت الأبيض، يمثل جانتس زعيماً إسرائيلياً أكثر عقلانية ومستساغاً، والذي، على عكس نتنياهو، لا يواجه اتهامات ولم يقض العقد الماضي في التدخل في السياسة الحزبية في واشنطن. وهذا ليس بالأمر الهين، إذ تدرك المؤسسة الديمقراطية الغضب المتزايد بشأن الحرب المستمرة بين قاعدتها. وأشار «بن صامويلز» في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إلى أنه «بينما سيستخدم جانتس نهجاً متشدداً بلا شك تجاه الفلسطينيين أيضاً، إلا أنه لا يحمل اسم نتنياهو وسمعته». وأضاف: «يدرك المشرعون الديمقراطيون تماماً الموقف الصعب الذي يجدون أنفسهم فيه أثناء محاولتهم اجتياز انتقادات السياسة الإسرائيلية بدعم إسرائيل كحليف. وجانتس يوفر لهم آلية تصحيح الذات».

وبحسب ما ورد، فإن رحلة جانتس إلى واشنطن لم تتم الموافقة عليها من قبل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأدت إلى استنكار حلفاء نتنياهو اليمينيين. واتهم وزير المالية اليميني المتطرف «بتسلئيل سموتريش» جانتس بأنه شريك في المشروع الأكبر لإدارة بايدن المتمثل في تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والعمل على إنشاء دولة فلسطينية طال انتظارها. وقال سموتريش يوم الاثنين خلال اجتماع في القدس: «إن الحكومة الأميركية تبحث عن فرصة لدق إسفين بين الإسرائيليين، من أجل المضي قدماً في خططها، بمساعدة جانتس.

وبهذه الطريقة، فإن جانتس يعمل على تعزيز خططهم لإقامة دولة فلسطينية». ولم يخف نتنياهو معارضته لإقامة دولة فلسطينية ورؤية بايدن لما بعد الحرب. ويشير العديد من المحللين الإسرائيليين إلى أن رئيس الوزراء يربط بقاءه السياسي باستمرار الحرب ومنع أي نقاش حول تقديم تنازلات للفلسطينيين.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»

* كاتب أميركي متخصص في الشؤون الخارجية