تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة عن جدارة واستحقاق، موقعاً متقدماً في مجال المساعدات الإنسانية والتنموية على حد سواء، وقد تصدرت القائمة على مستوى العالم مرات عدة، فضلاً عن تصدرها المتواصل للقوائم على مستوى المنطقة. ولا عجب في ذلك، فالمساعدات الخارجية أصبحت منذ وقت مبكر، من ثوابت السياسة الخارجية للإمارات، حيث وضعت الدولة منذ قيام الاتحاد على يد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مساعدة الشعوب والمجتمعات الأخرى في سلم أولوياتها، ولعلنا ندرك مدى الاهتمام الذي كان يلقاه هذا الموضوع، عندما نعرف أن صندوق أبوظبي للتنمية، تأسس بعد نحو أربع سنوات فقط من قيام الاتحاد، كما تأسست العديد من الهيئات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني المعنية بالمساعدات بأنواعها المختلفة في أوقات مبكرة. وقد حققت برامج المساعدات التي قدمتها الدولة نجاحات باهرة، سواء فيما يتعلق بالتخفيف من معاناة الناس، وخاصة المجتمعات والشعوب التي تواجه أزمات إنسانية من صنع الإنسان أو نتيجة الكوارث الطبيعية، أو بالنسبة إلى الأهداف الكبرى التي قُدمت من أجلها، وهي تنمية المجتمعات المقدمة إليها، حيث يشير الكثير من التقارير إلى نجاحات مشهودة لجهود الإمارات في تحقيق التنمية في العديد من مناطق العالم، وهو ما يلقى ثناءً وتقديراً متواصلَيْن من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية على مستوى العالم. ولا تقف دولة الإمارات العربية المتحدة عند هذه النجاحات، فهي تعمل دائماً وأبداً على تعزيز جهودها في هذا المجال، وهي حريصة كل الحرص على تعبئة كل الإمكانات المتاحة من أجل تحقيق غايتها، وهي الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس والمجتمعات، ليس فقط من أجل التخفيف من معاناتهم، وإنما أيضاً لمساعدتهم على تحقيق التنمية التي تضمن لهم وللأجيال القادمة مستقبلاً أفضل. وفي هذا السياق أطلقت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، مؤخراً، ملخص سياسة المساعدات الخارجية للدولة، خلال السنوات الخمس 2017-2021، وهي تشمل أربعة أهداف رئيسية: أولها، تحسين حياة المجتمعات الأقل حظاً وتخفيف حدة الفقر فيها. والثاني، نشر الاستقرار والسلام والازدهار في المنطقة. والثالث، بناء علاقات قوية، فيما يأتي الهدف الرابع لتشجيع توسيع نطاق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع الدول النامية، كما حددت الوزارة ستة مبادئ توجيهية تشمل: «دعم حكومات ومجتمعات الدول النامية الشريكة في السعي إلى تحقيق خططها الإنمائية وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها، والتعاون مع الجهات المانحة والمنظمات التنموية الأخرى، والاهتمام بالقضايا المهملة والمجتمعات التي تفتقر إلى الدعم الكافي، والاستفادة من السمات والقدرات التي تنفرد بها الإمارات، واعتماد منهجيات مستدامة، وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة على المساعدات والتركيز على النتائج». ومن هنا، ندرك الأسباب الحقيقية التي تقف وراء النجاحات التي حققتها الدولة في مجال المساعدات الخارجية، وكذلك التقدير الدولي الكبير لها، فهي مساعدات تنطلق من أهداف نبيلة محورها مساعدة كل الناس، ومن دون اعتبار لأي معيار غير موضوعي، سواء تعلق ذلك بالعرق أو الدين أو الجنسية، وهي ميزة نادراً ما نجدها في هذا العالم القائم بالأساس على المصالح، ولا تُقدم العديد من دول العالم أحياناً المساعدات حتى للمجتمعات وللناس الذين هم بأمسّ الحاجة إليها، إلا لاعتبارات سياسية أو لتحقيق أغراض ضيقة أخرى مصاحبة، على عكس المنهج الإماراتي الذي يعتبر المساعدات جزءاً أصيلاً من سياسة الدولة الخارجية، ويرفض ربطها بأي اعتبارات مصلحية. والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية، هو حرص برامج المساعدات التي تقدمها الدولة على تحقيق التنمية المستدامة، حيث تولي أهمية كبيرة لدعم المشاريع التنموية التي تتميز بالاستدامة، وذلك لأهميتها وأثرها الكبير في تطوير المناطق التي تحتاج إلى المساعدة، وتمكينها من الاعتماد على نفسها والتحول إلى مناطق منتجة. وتثبت دولة الإمارات يوماً بعد آخر، أنها بلد رائد في مجال المساعدات الخارجية، وهي حريصة على المحافظة على هذه الريادة وعلى تعزيزها، من أجل تحسين حياة الناس، ونشر السلام في مختلف أرجاء المعمورة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية