«سيكون نجماً لرعاية صحية أفضل وأسعار عقاقير أقل».. ذلك ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة على تويتر أعلن فيها اختياره أليكس عازار وزيراً جديداً للصحة في إدارته، بعد أن قال: «سعيد لإعلان ترشيحه وزيراً للصحة والخدمات الإنسانية»، فمن أليكس عازار؟ وهل تم تعيينه في المنصب المناسب وفي الوقت المناسب؟ يتمتع عازار بخبرة كبيرة في مجال السياسات الصحية والدوائية، إذ سبق أن عمل في وزارة الصحة، ثم في واحدة من كبريات الشركات المصنعة للأدوية، لذلك فقد اختاره ترامب وزيراً للصحة في إدارته. وقد ولد أليكس عازار ونشأ في مدينة جونز تاون بولاية بنسلفانيا عام 1967، لعائلة من أصول لبنانية، إذ هاجر جده لأبيه في مطلع القرن الماضي من لبنان إلى الولايات المتحدة، حيث أبصر النورَ والدُه ميشال، والذي عمل طبيب عيون طوال 30 عاماً من حياته في مدينة ساليزبوري، قبل أن يتقاعد أخيراً، كما أن والدته ليندا، والمنتمية إلى عائلة عازار اللبنانية المسيحية ذاتها، هي أيضاً مولودة في الولايات المتحدة. وبعد تخرجه في المدرسة الثانوية في مدينة جانستاون، حصل أليكس في عام 1988 على شهادة في الاقتصاد والعمل الحكومي من «كلية دارتموث» الخاصة في ولاية «نيوهامبشير» بأقصى الشمال الشرقي الأميركي، ثم بعد ثلاثة أعوام تخرج أيضاً من كلية الحقوق بجامعة «يال» عام 1992. وفي ذلك العام بدأ مساره المهني كاتباً عدلياً لدى القاضي «ج. مايكل لوتيغ» في الدائرة الرابعة بمحكمة الاستئناف الاتحادية الأميركية، ثم عمل في العام التالي كاتباً عدلياً لدى القاضي «أنطونين سكاليا» في المحكمة العليا الاتحادية. وبعدئذٍ عمل خلال الفترة بين عامي 1994 و1996 مستشاراً لدى المدعي العام المستقل «كينيث و. ستار»، حيث شارك في التحقيق حول فضيحة «وايت ووتر»، وهي قضية أثارت سجالاً سياسياً على الصعيد الداخلي الأميركي، وتعود لقيام بيل وهيلاري كلينتون بإنشاء مشروعات استثمارية في القطاع العقاري، مع شركاء آخرين، باسم شركة «وايت ووتر للتنمية» قبل إعلان إفلاسها في عام 1980، وكانت جريدة «نيويورك تايمز» قد فجَّرت الفضيحة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 1992، حيث أوضحت أن بيل كلينتون الذي كان حاكماً لولاية أركنساس، مارس ضغوطاً على بعض الممولين لمنح قروض غير قانونية لصالح «وايت ووتر» قبل إفلاسها. ثم انتقل عازار للعمل في القطاع الخاص بداية من عام 1996، فانضم لـ«ويلي رين»، وهي شركة محاماة في واشنطن العاصمة، ولم يلبث أن أصبح أحد الشركاء فيها. وفي يوليو 2001 رشح البيت الأبيض برئاسة «بوش الابن» أليكس عازار لمنصب المستشار العام لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، فثبَّته الكونغرس بالإجماع في هذا المنصب يوم 3 أغسطس 2001، ليلعب دوراً مهماً في الرد الأميركي على هجمات الجمرة الخبيثة التي استهدفت الولايات المتحدة في ذلك العام، ثم في التصدي للسلاسات الجديدة من فيروس الإنفلونزا ولفيروس «سارس» المسبب للالتهاب الرئوي، لذلك تمت ترقيته في يوليو 2005 ليشغل منصب نائب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، فأصبح مشرفاً على جميع العمليات في الوزارة، كما قاد جهداً كبيراً لتطوير اللوائح واعتماد لوائح جديدة فيها، وجهوداً حكومية أخرى لتشجيع الابتكار في الأجهزة الطبية. لكن عازار غادر وزارة الصحة في عام 2007 حيث تم تعيينه متحدثاً باسم شركة «إيلي ليلي» ونائب رئيسها لشؤون الشركات والاتصالات، ثم أصبح في عام 2009 مدير إدارتها في الولايات المتحدة وبورتوريكو. وفي ذلك الوقت كان معنياً بالعمل على تسوية تهم جنائية ضد الشركة فيما يتعلق بترويجها للأدوية المضادة للذهان لاستخدامات خارج التسمية، وقد تمت التسوية بدفع الشركة مبلغ 1.415 مليار دولار، واعتباراً من يناير 2012، أصبح عازار رئيس «ليلي الولايات المتحدة الأميركية»، وهي أكبر إدارة في الشركة، ومسؤولاً عن إدارة جميع عملياتها في الولايات المتحدة، وخلال هذه السنوات حقق عازار مكاسب مهمة لصالح الشركة، خاصة فيما يتعلق بالارتفاعات الكبيرة في أسعار الأدوية، وذلك بالجهد الذي بذله في مجلس إدارة منظمة الابتكار في مجال التكنولوجيا الحيوية، وهو لوبي صيدلاني. لكن عازار استقال من «إيلي ليلي» في مطلع العام الجاري، كما استقال من مجلس إدارة منظمة ابتكار التكنولوجيا الحيوية، ليؤسس شركة استشارات استراتيجية خاصة سماها «سيرافيم استراتيجيز»، لكن تم استدعاؤه يوم الاثنين الماضي من مدينة إينديانابوليس عاصمة ولاية إنديانا حيث يقيم مع زوجته جنيفر وطفليهما، إلى البيت الأبيض في واشنطن، بغية ترشيحه للحلول محل الجمهوري «توم برايس» الذي استقال في سبتمبر الماضي. ويأتي ترشيح عازار في خضم انشغال الإدارة بمكافحة تفشي تعاطي الأفيون بين الأميركيين، وبالخصوص بين الشباب منهم، وعقب فشل الحزب الجمهوري في إلغاء قانون «أوباماكير» للرعاية الصحية واستبداله بآخر، كما وعد ترامب خلال حملته الانتخابية، كما يأتي هذا التعيين بعد ستة أسابيع على استقالة «توم برايس» من منصبه، إثر فضيحة حول استخدامه طائرات خاصة ذات كلفة عالية لرحلاته الحكومية، فقد كشفت صحيفة «بوليتيكو» في سبتمبر الماضي عن هدره لأكثر من مليون دولار كتكاليف لرحلات استخدم خلالها طائرة خاصة، «إتماماً لمهام عمله»، كما قال مبرِّراً تصرفه، لكنه اضطر لتقديم استقالته. ومهما يكن فثمة تحديات كبيرة تنتظر عازار في منصبه الجديد، إذا ما ثبته فيه الكونغرس خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ليس فقط لأن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية تعد أكبر منظمة حكومية في الولايات المتحدة، إذ تبلغ ميزانيتها السنوية أكثر من تريليون دولار، ولكن أيضاً لأنها معنية بأحد الرهانات الكبيرة للرئيس ترامب، أي استبدال قانون جديد للرعاية الصحية بـ«أوباماكير»، إذا ما نجح الجمهوريون في تمريره، فسيكون أليكس عازار هو من سيقوم بتنزيله على أرض الواقع! وإلى ذلك فإن عازار الذي يضع بين إنجازاته المهنية الرئيسية نجاحه في رفع أسعار الدواء بنسبة عالية حين كان مسؤولاً في «إيلي ليلي»، هو نفسه مَن يراهن عليه ترامب في خفض أسعار الأدوية والعقاقير الطبية. محمد ولد المنى