يومان مشهودان مرا علينا كالتوأمين متلازمين كملازمة الجندي علم الوطن المرفوع عالي الشأن. ذكرى الاتحاد التي قاربت نصف قرن من رحلة عطاء زايد وراشد رحمهما الله، أثمرت وأينعت وطاب قطافها في جميع المجالات. فالمريخ نحن له في المرصاد والذكاء الاصطناعي السبيل الوحيد لاختصار المسافات والأزمنة، ولا زالت قفزة الغزال أمام الأسد شاهداً للعيان، عندما صدم زايد، رحمه الله، خبراء البيئة والاخضرار، كيف حوّل الإمارات إلى دوحات الجنان. تقترب عقارب ساعة الاتحاد من النصف الأول من مئويته التي أضحت حديث الساعة بلا مواربة، تفاصيلها في متناول يد أي إنسان في هذا الكون، فالناظر إليها يظن أن الإمارات تتعاون بعد الإنس مع الجان لاختراق خط المعجزات التي لا توقفها المستحيلات. لمن لا يدركون معنى اتحاد الإمارات، عليهم الرجوع إلى سماع صوت بانيه زايد ورفيق دربه راشد «رحمهما الله»، عندما علا صوتهما صوت أي معركة خارج معادلة البنيان والعمران المستديمين، وهما معادلة التحدي في هذا الزمان الذي يريد البعض المتطرف الخروج فيه عن جادة الصواب، وإعادة دفة التاريخ إلى حيث الظلمات بدل الاستمساك بمصابيح الأنوار التي تبدد ظلام الفكر قبل ظلمات الأفق في امتداد الزمان. دماء شهدائنا الأبرار شهود أبرار على أن الاتحاد صنع بأغلى الأثمان وقد دفع ذلك الثمن جنودنا الأشاوس في لبنان والكويت واليمن وساعة احتلال جزرنا من قبل الغادرة إيران التي لم تترك للعرب شأناً إلا وحشرت أنفها فيه بلا حياء ولا دين. بنيان هذا الاتحاد مرصع بالأحجار الكريمة من الدرر الحكيمة لزايد والعقد الفريد من إخوانه الحكام حوله على مر الزمان، عندما تخطى خذلان البعض للانضمام إلى هذا الصرح، فالنتيجة ممزقة أمام العيان فيما يتكاثر من حول العالم العربي من أزمات تتوالد من حولها الكوارث وشرور الإرهاب في كل مكان باسم الإسلام الدين الأسمى والمنهج الأقوى والمحصن بالعروة الوثقى. عندما دنت ساعة الوغى لم يدفن جنود الاتحاد رؤوسهم في الثرى بل عانقوا السماء واهتدوا بالثريا في اليمن بعد أن عاث «الحوثيون» الفساد في كل مفاصل الشرعية التي اغتصبت، فجاء حصاد الاتحاد لإعادته إلى أهله هدفاً سامياً من سمو دولة الاتحاد هدية لكل من استنجد، فقال الاتحاد لبيك يا من استعان بالأشقاء فعدنا بالدم وحدة أخرى. ومن بعد ذلك وقف الراشدون من أصحاب السيادة في الدولة الاتحادية، وقفة رجل واحد أمام من باع الأشقاء في الخليج بثمن للإرهاب بخساً. هذه أدوار ولدت من رحم هذا الاتحاد الولود لكل مسارب الخير في إنسانية البشر، فقد بلغنا في الخير بسابق سرعته لكي نحقق حقيقة قول المولى جل في علاه «أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون». ها نحن الأول في هبة الخير الإنساني بشهادة العالم الأكبر من حولنا، فهي من مسرعات المستقبل من بوراشد حين أطلقها سليل الرشد في أكمل معانيه. وأحاطها بوخالد نبات زايد الخير، بسياج التربية الأخلاقية في كامل زينتها، ليحفظ أجيال الاتحاد من الوقوع في وهد الدنايا. فاقتراب نصف القرن من الاتحاد، فخر لدينا منه المزيد لنصل إلى القرن الأعظم بجدارة، ونحن مستعدون جميعاً لهذا التحدي الذي هب جنود الوطن كل في مجاله للدفع بهذا الاتحاد إلى ذلك المستوى، لنكون بإذنه خامس أفضل حكومة على وجه الأرض. الاتحاد، هذه الأمانة التي أودعها زايد والكواكب السيارة من حوله في أعناقنا جميعاً لنكون فيه فسيلة تغرس في أي أرض لا تنبت إلا خير، كالغيث أينما وقع نفع.