تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة أدواراً مهمة على المستويات الإقليمية والدولية، سواء في المجالات السياسية أو الاقتصادية، وقوة الإمارات مستندة إلى جبهة داخلية متماسكة في ظل التلاحم بين القيادة والشعب، وكل إماراتي يفتخر بوطنه من خلال ما يلمسه من تقدم مستمر ينعكس على حياته اليومية وسعادته ورفاهيته، في حين تعيش أقطار أخرى في أزمات اقتصادية وأمنية متواصلة، وتعود المطالبات بتوفير أبسط الضروريات إلى نقطة الصفر، كما يحدث في بعض الدول العربية التي تتكرر فيها المظاهرات من أجل تخفيض سعر الخبز. وعندما يزداد الضجيج الذي يستهدف الإمارات بالتركيز على مواقفها ودورها المحوري المؤثر في منطقة الشرق الأوسط، فإن ذلك دليل على حيوية الدولة وفاعليتها ودرجة تأثيرها والثقل السياسي الذي تتمتع به. ولا يجادل أحد في أن الإمارات دولة ثقيلة الوزن من ناحية التأثير والمشاركة في صياغة الأحداث ولجم التوترات والأزمات في المنطقة؛ لذلك تتوجه الحرب الإعلامية الشرسة ضد الدبلوماسية الإماراتية أحياناً بدافع الحقد واختلاق القصص الخيالية التي تترفع الإمارات عن الخوض فيها أو التعليق على من ينشرونها. صحيح أن هناك اختلافات سياسية تحدث بشكل طبيعي بين الدول، لكن الإمارات عندما تواجه مثل هذه المواقف تتعامل معها بمنهج سياسي يعكس ثقلها في ميزان العلاقات الدولية، ومدى تركيزها على الأولويات الأكثر أهمية من الدخول في صراعات جانبية، من هنا تنجح الإمارات في كل الاختبارات التي يسقط فيها الآخرون، وسبب سقوطهم أنهم يتعاملون في الكثير من المواقف والاختلافات بتعصب أعمى يظهر اهتزاز سياسة دولهم وعدم وقوفها على أرض صلبة، بينما نجد أن الموقف الإماراتي تجاه كل الظروف والأزمات مهما كانت كبيرة أو هامشية، ينطلق دائماً من موقع الثقة بالذات والاستناد إلى تقاليد راسخة في شخصية الدولة التي تم استلهامها من قوة الشخصية الإماراتية على المستويين القيادي والشعبي. وعندما نتذكر رد الفعل الرسمي تجاه قضايا عديدة أثيرت مؤخراً، نستنتج من قراءة الأحداث، وكيفية إداراتها أن الإمارات أكبر بكثير من أن تلتفت إلى الصغائر من الأمور، بدليل أنها استطاعت حل أزمة عابرة مع تونس الشقيقة بهدوء ودون تصعيد يذكر، رغم محاولة أطراف خارجية تأجيج الأزمة ومنحها أبعاداً أكبر من حجمها الطبيعي، لكن الإمارات لم تلتفت للإعلام المغرض، واستخدمت أسلوبها الناضج في التعامل مع الوضع، رغم أن القطاع الشعبي الأهلي في تونس ظهر منفعلاً وجاهزاً للدخول في جدل لا مبرر له، فقام بعض التونسيين للأسف بالاستجابة لمثيري الأحقاد، وشنوا حملة شعواء ضد الإمارات على المستوى الإعلامي، وفي وسائل التواصل الاجتماعي. وبعيداً عن الأزمة التي تم إخمادها بدبلوماسية إماراتية حكيمة، ينبغي التنبيه من حيث المبدأ، إلى أن العدوانية المفرطة والجاهزية الغريبة لدى بعض الأشقاء العرب عموماً للدخول في صراعات لفظية مع دول الخليج، تتطلب المراجعة وإعادة النظر من قبل النخب والحكومات وقنوات النشر في تلك الدول، حيث يلاحظ أن كل من يدخل في خلاف مع أي دولة خليجية يستدعي بسطحية ساذجة مفردات وتصورات مثل التذكير بأن الخليجيين يهتمون بالإبل! وكأن بقية العرب لم يستخدموا الجمال في الماضي! نعم لقد كانت الجمال جزءاً أصيلاً من تراثنا في الجزيرة العربية، ولن نتخلى عن هذا الموروث مهما كانت المتغيرات، ويجب أن ترتقي العقول، وأن يرتفع مستوى الحوارات والنقاشات العربية بين مستخدمي وسائل التواصل أثناء الأزمات العابرة، بحيث يتم الابتعاد عن استدعاء مشاعر الكراهية والعنصرية، وكل ما يندرج ضمن التوصيفات ذات القوالب الجاهزة التي أصبحت تثير السخرية، وتكشف عن حجم جهل البعض بمنطقة الخليج قديماً وحديثاً. سوف تظل دولة الإمارات مؤثرة وذات ثقل سياسي، ولن تنجر لاتخاذ مواقف بناء على استفزاز البعض، مثل الخطوة المراهقة التي قامت بها إحدى الدول من خلال قيامها بتصرف يكشف عن خفة سياسية وعجز عن التعامل بمسؤولية، ومن دون تفصيل فإن تلك الأعمال الصغيرة تدل على سطحية من أمر بها وعلى صِغَر عقله، فهل من المعقول أن يقوم رئيس دولة تدعي الديمقراطية بالانشغال بتغيير أسماء الشوارع، واتخاذ قرارات مضحكة دون أخذ رأي مستشاريه؟! إجمالاً اعتادت الإمارات أن ترد على التصرفات الحمقاء ضدها بالأفعال لا بالأقوال.