كانت رئاسة «بول ريان» لمجلس النواب العام الماضي كارثية، وجاءت نهايتها مؤسفة للرجل الذي كان يعتبر محافظاً إصلاحياً صاحب مبادئ. «ريان» كان قد أعلن في أبريل الماضي تقاعده وعدم ترشحه كنائب «جمهوري» في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل. لكن رفضه الاضطلاع بدوره الدستوري كرئيس لمجلس النواب، ولعب دور أداة هجومية في يد الرئيس ترامب والحزب «الجمهوري» كانت له تداعيات سلبية على الأغلبية «الجمهورية» في مجلس النواب، وعملية الإشراف على الوكالات الاستخباراتية والحركة المحافظة بشكل عام. وكان من بين أخطائه الفادحة رفضه كبح جماح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب «ديفين نيونز» النائب «الجمهوري» عن ولاية كاليفورنيا، الذي اختلق قصة «الكشف عن فضيحة»، وأصدر مذكرة مضللة تلقي بالتهم على مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» و«محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية» فيما يتعلق بمذكرة قضائية لإجراء مراقبة على الجاسوس المشتبه به «كارتر بيدج». وبينما تهدد الجموع المؤيدة لـ«نيونز» والرئيس دونالد ترامب، بالكشف عن مصدر سري تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في خرق غير مسبوق لمسؤوليات لجنة الإشراف على الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، أصبح مدى عدم احترام «ريان» للقسم الذي أدّاه واضحاً. وتعود القصة إلى تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» عن دور أستاذ أميركي متقاعد تعاون مع المخابرات الأميركية في التحقيق في الاتصالات المزعومة بين الروس وحملة ترامب، مشيرة إلى أن «الدور الذي لعبه المصدر هو في قلب المعركة التي قلبت الرئيس ترامب ضد وزارة العدل وعززت هجماته على تحقيق المحقق الخاص مولر».. وليس ثمة دليل يشي بأن شخصاً ما قد زُرع داخل الحملة الرئاسية، والمصدر المقصود شارك في عملية بحث استمرت شهوراً، والتقى ثلاثة مسؤولين مختلفين في حملة ترامب. وتأكدت «واشنطن بوست»، بعد التحدث إلى شخص مطلع، من هوية مصدر «إف بي آي» الذي ساعد في التحقيق، لكنها لم تكشف عن اسمه عقب تحذيرات من مسؤولين في الاستخبارات الأميركية بأن الكشف عنه قد يعرضه للخطر. وليس هناك دليل على أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تصرف بصورة غير ملائمة، فعادة ما يستخدم المكتب مصادر ومخبرين لجمع الأدلة وتسمح له قوانينه باستخدام مخبرين قبل فتح تحقيق رسمي. وفي كثير من التحقيقات التي تقوم بها وكالات إنفاذ القانون، يتم استخدام المصادر والمخبرين قبل اللجوء إلى تقنيات أكثر دقة مثل المراقبة الإلكترونية. وفي ظل ذلك الهجوم الغاضب على أنشطة المخابرات الأميركية ووزارة العدل كان على «ريان» أن يتخذ إجراء باستبدال أعضاء لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، من أجل زجرهم، ومنع محاولات التدخل في شؤون المحققين الساعين لكشف الهجوم على الديمقراطية الأميركية. وفي حالة الكشف عن المصدر، وتعريض حياته وحياة آخرين، وعمليات جمع المعلومات الاستخباراتية، للخطر، فإن جزءاً من اللوم على الأقل ينبغي أن يتحمله «ريان». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»