بعد إنجاز روما التاريخي، بإقصاء برشلونة من دوري أبطال أوروبا، رغم خسارته ذهاباً 4 - 1، وهو ما لم يكن يتوقعه أشد المتشائمين ببرشلونة، ولا أشد المتفائلين بروما، بعدها سألت أحد عشاق ريال مدريد «المعتدلين وغير المتعصبين بشكل أعمى»، إن كان يعتقد أن يوفنتوس يمكن أن يكرر سيناريو روما، فأجابني بأن العقل والمنطق يقولان إن روما فاز على برشلونة على أرضه، بينما اليوفي خسر على أرضه بالثلاثة، وهو سيلعب خارج دياره، والأمر شبه مستحيل، إن لم يكن مستحيلاً، حتى في ظل غياب راموس، لأنه من الصعب جداً «حسب كلامه»، أن يخسر الريال بالأربعة في سانتياغو بيرنابيو. وكاد الريال أن يخرج، وكادت المعجزة أن تتحقق بتأهل روما ويوفنتوس، وحتى قبلهما مان سيتي، لولا تحيز الحكم وقراراته العجيبة. والسبب أنها كرة القدم بكل بساطة.. نعم لو قلت لأي إنسان إن البرازيل يمكن أن تخسر على أرضها من أي منتخب في الدنيا بسبعة أهداف، لقال لك: مستحيل، ولكنها خسرت، وفي كأس العالم، وكانت واحدة من أعجب وأغرب النتائج التي شاهدتها شخصياً في حياتي. ولو سألت أي فاهم غير متحيز، بأن روما يمكن أن يقصي برشلونة، من دوري أبطال أوروبا، وهو الخاسر 1 - 4 ذهاباً، لقال لك صعبة كثيراً بوجود ميسي في كامل لياقته، ولكن روما فعلها، وفاز بثلاثية نظيفة، وأخرج متصدر الدوري الإسباني. ولو سألت هل يمكن لبرشلونة أن يتأهل من بوابة باريس سان جيرمان يوم خسر في العاصمة الفرنسية برباعية نظيفة، لقال لك أشد المتفائلين ببرشلونة، وأشد المتشائمين بباريس سان جيرمان إنك تحلم. ولكن برشلونة الذي سجل ثلاثة أهداف، ثم انصعق بهدف فرنسي كان عليه أن يسجل من جديد ثلاثة أهداف ليتأهل.. وفعلها وفاز 6 - 1، ولكنه لم يحرز اللقب، بل خرج على يد اليوفي، بعدما خسر ذهاباً بالثلاثة. ولو قلنا لأي إماراتي إن منتخب بلدكم يمكن أن يتوج بـ «خليجي 18»، بعد خسارة المباراة الافتتاحية أمام عُمان لقال: يمكن عم تجاملونا. الأمثلة بالمئات على ريمونتادا «come back»؛ إذ سبق وفعلها موناكو على حساب ريال مدريد، وبرشلونة على حساب تشيلسي، ومان يونايتد على اليوفي وديبورتيفو ضد الميلان وتشيلسي أمام نابولي، وشواهد أخرى تثبت أن المستحيل في كرة القدم مجرد كلمة، وأنه لا توجد نتيجة مضمونة، وأن كرة القدم تخدم من يخدمها، بغض النظر عن قوته أو تاريخه أو جماهيره أو ألقابه أو «ماله»، ولكن البعض يأبى أن يتعلم من الدروس، ونصرّ على الاستهانة بالآخرين، ولا أعتقد أنه يوجد فريق ضعيف تماماً، بل يوجد فريق لا يعرف مكامن قوته، ويوجد فريق لا يحترم منافسيه تماماً، كما يفعل بعضنا عندما نستهين بقدرات من نعتقد أنهم أقل منا علماً وخبرة وإمكانيات، وهو ما أسمعه يومياً من بعض الزملاء عن آخرين يعتقدون أنهم لا يفهمون ولا يعرفون ولا يعلمون، ويعتقدون أنهم وحدهم من يملكون أسرار الكون والفيزياء والكيمياء والذرة. شخصياً أرى نفسي تلميذاً في مدرسة الحياة، أتعلم منها في كل يوم، وفي كل ساعة درساً جديداً، وأتعلم من أي مبتدئ في عالم الصحافة، كما أتعلم من العمالقة والمخضرمين، ولا أسفّه رأي أحد، ولا أتعالى على أحد، لأنه وبكل بساطة فوق كل ذي علم عليم.