عندما تصبح رغباتنا بسعة المحيط، فلا بد أن نغرق في التعاسة. الإنسان يتعب ويشعر بالإحباط، عندما يتسلق الجبل بقدمين، حافيتين. ما يحدث اليوم من تسارع في الاستهلاك يجعل الإنسان، وكأنه يسابق دراجة نارية من نوع «هارلي». كل منا يتطلع لأن يحقق رغبات، أبعد ما تكون عن قدراته، وعندما يعجز عن تحقيق ما يريد، يبدأ الإنسان في إلقاء اللوم على غيره. الزوجة، تمتعض من عجز زوجها، عن تحقيق ما تريد من مستلزمات في الحياه، والأبناء، يتذمرون من تقاعس والديهم، عن إنجاز ما يطمحون إليه، مثلاً اقتناء موديل معين من السيارات، أو حتى الحصول على آخر صرعة، من صرعات الهواتف النقالة، وكل هذه أصبحت من الأساسيات، وليس من الكماليات، وعندما يصبح، المكمل أساسياً، تبدأ المتاعب وتنمو المشاعر السوداوية، تجاه الحياة، لأن هذه الكماليات، تتحول إلى جزء من الشخصية، والشخصية ما هي إلا معطى اجتماعي، وعندما، يحدث الجرح في الشخصية، يبرز الألم، وتتكالب كل الخيالات والصور الوهمية، لترسم لوحة مغشاة بغبار السخط والتبرم والحزن، لأن نوافير الرغبة فتحت رشاشاتها، وأصبح من المتعذر إيقاف هذا النزيف الداخلي، ومهما توافرت من مستلزمات الحياة، لا يشعر الإنسان بالقناعة، ولا يتوقف عند حدود. ونظرة واحدة إلى الوجوه تكفي لأن تعطي نموذجاً لما يحدث للمشاعر وهي تتهاوى تحت ضربات، التعاسة، اليوم، لا تجد الابتسامة، على وجوه الأطفال حتى هؤلاء، بدأوا يدخلون عصر الكآبة، وانحسار الفرح من قلوبهم. قديماً كان الطفل، يصحو والابتسامة تفترش باقة من الورود على محياه، بينما اليوم الجميع يقول لا للفرح، الأمر الذي يستدعي التوقف عند هذه الظاهرة، ووضع حد للتدفق الهائل للرغبات، والتي خطفت الإنسانية من الإنسان حتى تحول إلى آلة تتحرك بالريموت كونترول، وإن لم تتحقق حزمة رغبات يومية ابتأس الإنسان، وفقد اتزانه، وضاعت الفرحة، وانسحب إلى حالة من الضعف، والهوان والإحساس بالعدمية والخروج من العالم، بلا شيء. نحن مطالبون، بأن نحتضن أطفالنا، وألا ندعهم ضحايا رغبات تحول بينهم وبين التطور النفسي الصحيح. نحن مطالبون، بأن نصحو، لنسهر على رغبات أطفالنا، حتى لا تندلق مثل الماء المسكوب على سطح سفحي.