شهدت العاصمة أبوظبي مؤخراً النسخة الثانية من الملتقى الإعلامي للمخاطر والتهديدات الذي نظمته الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والتي نتوقف أمامها لأهمية الموضوع الذي تناولته تحت شعار «المنظومة الإعلامية في مواجهة المخاطر»، وذلك لأهمية الدعوات التي أطلقها المتحدثون، وهم مسؤولون وخبراء ومتخصصون في مجالاتهم، والتي أكدوا خلالها أهمية دور الإعلام الوطني في التصدي للشائعات والأكاذيب والمؤامرات التي تروج لها الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي في الظاهرة المسماة بالذباب الإلكتروني.
نستعيد مجريات ومضامين الندوة القيمة للهيئة التي أدركت أهمية طرح هذه القضايا ذات الصلة المباشرة بالأمن الوطني، وبالذات في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا الخليجية خاصة والعربية إجمالاً، ونحن نشهد شراسة الحملة التي تقودها الأبواق الممولة من إيران وقطر وأدواتهما في مناطق مختلفة من العالم، وبالذات في بيروت ولندن.
إن التصدي لهذه الحملات وغيرها من حملات الكذب والدجل والافتراء التي تنطلق من تلك الأبواق والمنصات، تتطلب في المقام الأول توفير قدر عالٍ من الشفافية والمعلومة الصحيحة، وبصورة عاجلة وفورية، ودون ذلك ستكون الحملات المضادة غير فعالة بالصورة المطلوبة.
وقد أكد ذلك معالي محمد أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، في كلمته للملتقى بأن «الأمن الوطني يصبح مهدداً إذا أخفقت وسائل الإعلام في دورها»، وإنْ «تأخر الإعلام الرسمي عن نشر المعلومات الدقيقة أثناء الأزمات، يفسح المجال أمام الفوضى وعدم الاستقرار».
الإعلام العربي الرسمي الذي أفرز مدارس أحمد سعيد والصحاف تعرض لـ «تسونامي» حقيقي مع ظهور وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي التي فرضت واقعاً جديداً، وصنعت فارقاً هائلاً في تغطية الحدث وتقديم المعلومة التي تتغير لحظة بلحظة، وودعت الصحف معها العبارة التقليدية لتسجيل السبق باسم «طبعة ثانية»، ودفعت وسائل الإعلام التقليدي للاستثمار بقوة في منصاتها الرقمية.
المسؤولون في أقسام الاتصال المؤسسي في دوائرنا الرسمية، مدعوون لمواكبة ما يجري بممارسة واعية وشفافة في زمن لا يقبل معه انتظار التعبير الذي استحدثته بأن «الخبر بانتظار الاعتماد» رغم أنه قد يكون خبراً أقل من عادي يتعلق باستقبال أو زيارة بروتوكولية لمسؤول من الصف الثالث ولا يستحق تمريره من خلال كل تلك القنوات. ما يجري فرصة لمسؤولي تلك الدوائر والأقسام لمراجعة الأداء ومتطلبات التصدي للمخاطر بكل شفافية.