لدينا تجربة تُدرس في جذب الابتكار وقوة بيئة الأعمال، وذلك ليس مديحاً، بقدر ما هو وصف للواقع، لكنه في الوقت نفسه نتاج خطة وطنية، تعرف أهمية مراعاة الشروط والمعايير الدولية، لأي مؤشرات مهما كانت، ويستوي في ذلك مؤشر التنافسية، مع السعادة، والأمان، وغيرها.
الأربعاء الماضي، أعلن تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2019، والصادر عن البنك الدولي عن صعود الإمارات إلى المركز الـ11 عالمياً، في قوة بيئة الأعمال، مع بقائها في المرتبة الأولى عربياً، للعام السادس على التوالي. فكيف حدث ذلك، ولماذا هو درس لمن يريد نقل التجربة؟ أو كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، إن «تجربتنا ونجاحها ليست سراً، وأبوابنا مفتوحة لأي جهة راغبة في التعلم من الدروس والتجارب».
انطلق تقرير البنك الدولي في 2004، وانضمت الإمارات له في 2006، لتحتل المرتبة الـ77 بين 178 دولة، وبعد سياسات وتدابير سريعة، قفزت الدولة إلى المركز الـ54 في العام التالي، ثم إلى الترتيب الـ47 في 2008، إلى أن صعدت الإمارات 66 مرتبة في 12 عاماً، بمعدل نمو سنوي استثنائي، بلغ 5.5 درجة الآن، وذلك تبعاً للتقرير نفسه، الذي أشار إلى تصدر الإمارات الدول العربية منذ 2013.
هذا يعني أن الإمارات بذلت جهوداً منظمة وفاعلة في أكثر من عشر سنوات، لإيجاد بيئة عمل حديثة، مرنة ومتماسكة، ومبنية على قاعدة تشريعات وأنظمة من شأنها تحقيق ازدهار اقتصادي، يجذب رؤوس الأموال العالمية، مع سائر الميزات الأخرى، كسهولة الإقامة، والواقع الضريبي المنافس، وحداثة الخدمات الحكومية، وسواها.
مثلاً، نحن الدولة الأولى في العالم في سهولة حصول المستثمرين على الكهرباء، والثانية في دفع الضرائب، والخامسة في استخراج تراخيص البناء، ومن المهم جداً أن الإمارات السابعة عالمياً في تسجيل الملكية، والتاسعة في إنفاذ العقود، فهذه من عوامل جذب المستثمرين الباحثين عن مناخ قانوني مستقر.
تقرير البنك الدولي يشكل مرجعاً للشركات الاستثمارية الكبرى، ونحن لدينا حدثان مهمان في هذا الصدد، فمسرعات أبوظبي التنموية التي بدأت عملها فعلاً تستثمر 50 مليار درهم في ثلاث سنوات، لتحفيز الأعمال والمشروعات الإنتاجية، وننتظر استضافة الإمارات معرض «إكسبو دبي 2020»، وواثقون أنه سيكون فرصة لعرض إمكاناتنا الاقتصادية والثقافية، بما يشجع على استقرار كثير من الشركات في بلادنا.
لم ترفض الدولة التقارير العالمية المحايدة. تعاملت معها بجدية والتزام، وأدخلت تحسينات تشريعية وإجرائية في مختلف القطاعات، وهذا جزء من الدرس المستفاد لمن يريد قراءة أصول التنافس، ووسائله. تماماً كما فعلت الإمارات.