انتهت الدورة الثانية من الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات إلى تبني سبع استراتيجيات وطنية، تحدد ملامح المرحلة الأولى من تنفيذ «مئوية الإمارات 2071»، في مجالات الأمن الغذائي، والذكاء الاصطناعي، والأجندة الثقافية، واستراتيجية التشغيل، إضافة إلى مهارات المستقبل، وجودة الحياة، والعلوم المتقدمة. لكن الحدث ينطوي على أكثر من خلاصة، لأنه رسم محطات الطريق إلى المستقبل، واقترح الأساليب والأدوات لوثبة جديدة.
أولًا، لقد باتت لدينا منصة سنوية، لتقييم الإنجاز، بروح نقدية، تتعامل مع معطيات وأرقام، وثمة مؤشرات دولية في مختلف الحقول، ونحن نسعى إلى بلوغها، وتجاوزها، ومن المهم أن تكون المراجعة على أساس علمي، لنتمكن من إنضاج تجربتنا التنموية، كما يجدر، وكما ينبغي، وهذا ما أظهرته الاجتماعات في أكثر من جانب.
ثانياً، القراءات التي قدمها الوزراء والمسؤولون في القمة، اتسمت بالواقعية والدقة، فهي، وإن أثنت على مفاصل الإنجاز محلياً وخارجياً، إلا أنها لم تغفل التحديات التي نواجهها، ووضعت الخطط والبرامج اللازمة، وتتيح لنا السنوات المقبلة اختبار نجاعة الأفكار والمبادرات، وكذلك أداء الفِرق، التي ستنهمك في عمل مؤسسي طويل، لترجمة استراتيجيات المنصة الحكومية.
ثالثاً، أظهرت التجارب أن مقولة «حبر على ورق» لوصف توصيات العمل الحكومية، لا تصلح في الإمارات، لأن اهتمام القيادة، بكل ما من شأنه أن يضعنا في مصاف الدول المتقدمة علمياً وثقافياً واقتصادياً، يربط بين التحدي والاستجابة، ويضع الأجهزة الحكومية كافة تحت هاجس الإنجاز، ويحفز أكثر من طاقة إيجابية للإبداع، والتنافس في خدمة البلاد، وشعبها.
رابعاً، لن تكون محصلة الاجتماعات «حبراً على ورق»، وأشير هنا إلى ما قاله محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، بـ«أننا هنا، لنتحدث بصراحة حول تحدياتنا، وليس لنجامل بعضنا»، لأننا إزاء مرحلة جديدة تؤسس لخمسين سنة من العمل الوطني، ومن نافل القول بأن هذا الجهد الكبير، ينهض به فريق عمل، تحت رقابة حكومية مستمرة، وأن لا مجال للتراخي والتردد.
خامساً، ثمة ملفات لا تستقر على حال، لأنها تتصل بالعلوم، والتطورات التكنولوجية المتسارعة، ومن الطبيعي أن نواكب ذلك بمرونة، فاستخدامات الذكاء الاصطناعي لن تتوقف عند ما وصلت إليه اليوم، مثلما أن التعليم الذكي، واقتصاد المعرفة، والطاقة المتجددة، ميادين مفتوحة على اتساع التطور والاكتشافات، والابتكار الإنساني المستمر، ونحن نحسب ذلك في رحلتنا نحو «مئوية الإمارات».
دولتنا الآن تنتهج استباق التحديات المستقبلية، بعمل جدي وطموح، وفي دورة العام المقبل، سنجد أن فريق العمل الوطني قد قطع مسافات بعيدة في «سباق التميز»، وهو سباق.. يعرف الإماراتيون خوضه وقوانينه، ويعرفون أن لا خيار فيه إلا المركز الأول.