يطل علينا يوم جديد حاملاً عبير ذكرى وطنية غالية على القلوب خالدة في الوجدان، ونحن نحتفل بعيد الاتحاد الخمسين بمشاعر فياضة من الفرح والابتهاج والزهو تخفق  بها القلوب، ويلهج اللسان مع فجر كل يوم يشرق على هذه الأرض الطيبة المباركة بالشكر والامتنان للخالق المنان الذي منَّ علينا بقيادة حكيمة، حكمة متوارثة من حكيم العرب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي، من بعد فضل الله، جمع إخوانه المؤسسين لوضع أول قواعد صرح الإمارات الشامخ، لترتفع راية البناء والبنيان منذ خمسين عاماً  خلت مع ارتفاع علم الإمارات لأول مرة أمام ناظريه على سارية قصر الضيافة في جميرا، وفي الوقت ذاته من على سارية قصر المنهل في أبوظبي على يد قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله.
في مناسبات كهذه، يعود المرء بذاكرته لتلك البدايات الأولى، وهو يشهد بلاد زايد الخير وقد أصبحت ورشة بناء عملاقة في سباق مع الزمن للحاق بركب التقدم والتطور، ولتتحول، وفي غضون سنوات قليلة لا تُعد في عمر الأمم والشعوب، إلى  منارة يضرب بها المثل في التفرد والريادة. 
وعقب أن كانت البلاد  تخلو من الجامعات والمستشفيات والمصانع،  صنعت منها إرادة الرجال المخلصين وجهة عالمية للتعليم العالي والصحة والخدمات  العلاجية وقاعدة لصناعات  دقيقة، وهي تبحر نحو الثورة الصناعية الرابعة والأبحاث العلمية والتكنولوجيا المتقدمة بكل ثقة واقتدار.  وفي قلب المشهد وبؤرة الإنجاز، كان  محور البناء  دائماً الإنسان الذي حرصت القيادة الرشيدة على أن يكون محط كل الرعاية والاهتمام ونقطة الاستثمار الأهم باعتباره أغلى ثروات الوطن ورهان المستقبل.
عندما تعود بك الذاكرة لتلك البدايات البسيطة، وتستذكر كيف غمرتك الفرحة بإنجاز نفق الشندغة وافتتاح محطة جبل علي للأقمار الصناعية وتأسيس جامعة الإمارات، تكتحل أنظارك اليوم بتصنيف الإمارات كأول دولة في العالم من حيث جودة الطرق، ويحلق أبناؤها في الفضاء الخارجي يزودون العالم بأحدث الصور والبيانات عن المريخ، وتطرز مدنها فروعاً لجامعات عالمية تحتضن القاصي والداني من طلبة العلم والباحثين عن المعرفة.
في يوم جميل مبارك، كيومنا الأغر، يتجدد عهد الولاء والانتماء للوطن وقيادته، لمواصلة مسيرة الآباء والأجداد والحفاظ والمضي بذات العزيمة والإصرار نحو مئوية الإمارات، وكل عام والإمارات في خير وبخير، و«عمار يا دار حكمها خليفة وإخوانه».