لم يكن الممثل روبن ويليامز ليندم على تقمص دور أستاذ الأدب الإنجليزي جون كينج، في فيلم «مجتمع الشعراء الموتى» أو «جمعية الشعراء الموتى» حيث يترجم الاسم بهذين المعنيين، وهو الفيلم الذي حصد جوائز قيمة، منها الأوسكار لأفضل سيناريو، وشخصية جون كينج هي جزء من منظومة أكاديمية ويلتون عام 1959، في ولاية ناشفل التي تدور حولها قصة الفيلم الدرامي، حين أراد أستاذ الأدب الإنجليزي أن يخرج على الأعراف التعليمية السائدة، فيواجه اعتراضات إدارة الأكاديمية وأولياء الأمور، في منطقة أرستقراطية لا تقبل التغيير.
عادةً، يمثل الماضي الصرامة والجدية، والحاضر بأفكاره المختلفة والمتجددة يمثل واقع التغيير، حيث وجد جون كينج نفسه مقبولاً لدى ستة طلاب، في تحقق رؤيتهم في التخلص من القيود الصارمة، فانبهر الأستاذ بهم أشد الانبهار، وحرضهم في أول فصل دراسي على تقطيع صفحة السيرة الذاتية لأهم الشعراء الإنجليز على مر العصور.
لدى الإنسان قوة عجيبة في ذاته، إذا ما انحدرت منه كشلال ماء، حيث يعانق برؤاه العالم، ويتحرر من القسوة غير المبررة، فدراسة الشعر هي انطلاقة الأستاذ كينج في تكوين الشخصية الذاتية للطلبة ورغبة جامحة استند عليها المعلم في إيصال أفكاره والرد على المشككين، فمنح الطلبة قدرات عالية صقلت موهبتهم الإبداعية في الفنون والمسرح.
وذهب الأستاذ كينج بعيداً بأفكاره في عقول الطلبة، بعيداً عن أسوار الأكاديمية المتقوقعة بالماضي وأبوابها المحصنة، يبث في أرواحهم الإبداع المتفرد بآرائهم وإرادتهم، بصوتهم اليانع، وإدراكهم لأنفسهم ولمقدرتهم الذاتية على حب التغيير، فأول درس كان بداية التحول، بما رسخه فيهم من معانٍ كثيرة وجلية، وجاء التمرد على الواقع، بإشراف الأستاذ كينج ومبادئه، في حالة من رفض الطالب «زويل» للمسار التعليمي الذي قيده به والده الأرستقراطي، وأرغمه على دراسة ما لا يحب وترك أنشطة المسرح والتمثيل، البارع فيها بشهادة كينج ومجتمع المدرسة ككل.
بحث الطلبة الستة، عما ألفه الأستاذ كينج من مؤلفات، ووجدوا كتاباً بعنوان «مجتمع الشعراء الموتى»، فانطلقوا إلى الكهف الذي أعلن فيه أول خطاب للشعراء الموتى، ليتقمصوا الحالة الشعرية، في قراءة الخطاب الشعري، وما كتبه كل منهم من الشعر، فكان الكهف ملاذهم لطرح أفكارهم الإبداعية، لكن الحماس والاحتدام أديا لانتحار الطالب «زويل» لعدم قدرته على مواجهة أبيه الصارم، وقد عوقب الأستاذ كينج بالفصل من الأكاديمية نتيجة لهذا الحدث.