إنه كالشمس، تحيط الأمكنة، وتملأ التضاريس بشعاع النور، والعطاء الواسع الحدقات.
زايد الخير، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، كان في المكان، ويكون في الأمكنة، وأهداب النور لا تطفئ وميضها، ولا تغلق نوافذ الذاكرة في كل زمان ومكان، لأن الشخصية الكاريزمية، والتاريخية خلقت لكي تملأ جعبة الحياة بممكنات التواجد وإيجاد الصورة والصوت على صفحات دفاتر التاريخ، وعند شغاف الجغرافيا.
هكذا يظل المغفور له الشيخ زايد في الوعي الإنساني مرآة لا تخفي الوجه الوضيء ولا تخبئ السجايا، لأن صاحب الصورة، نحت على لوحة الزمان صورة القيم الرفيعة ورسم على جبين التاريخ أيقونة الأحلام البشرية، ولذلك فأينما تَدُرْ شمس العالم تجدْ لزايد الخير معطى من ذهب الأخلاق، وتجد على واجهة القمر سحابة تمطر باسم هذه الشخصية الفذة التي ملكت ألباب الطير والبشر والشجر، وما من شخصية في الكون امتلكت مثل هذه القوة الخلابة، لأن زايد لم يعش من أجل البقاء، بل عاش هذا الزعيم من أجل الحياة، فملأ الجهات الأربع بصيت العطاء، وصوت السخاء، ولم يبخل ولا يكل عن مد يد العون لكل محتاج ومعوز، وهذه القيم هي التي رسخت اسم زايد في المخيلة البشرية، وهي التي شمخت عالياً كأنها النجمة في صدر السماء، فالرجال هم صناع الأوطان، كما أنهم هم صناع المجد التاريخي، ومثل هؤلاء يندر وجودهم، لأنهم الدر النفيس في أعماق الوجود.
جامع الشيخ زايد الكبير في سولو الإندونيسية لهو الصرح الديني والتاريخي الذي يجعل من الإمارات النموذج في التصافح مع الآخر بيد من غير سوء، وقلب أبيض من الموجة، وروح أشف من السحابة، وعقل أبهى من ضوء البروق في بطن السماء.
العالم اليوم يشهد صرحاً كونياً اسمه الإمارات، هذه الدولة التي أدهشت العقول في نهضتها التوعوية، وقدرتها على مد جسور التعاون مع أعتى الرياح البشرية، وذلك مبعثه الوعي بأهمية أن نكون سقفاً واحداً لخيمة الوجود، إن أردنا أن نمنع عن أمنا الأرض الكوارث، والجوائح وكل ما يعرقل عربة الحضارة وكل ما يكدر مرآة العالم.
العالم اليوم بحاجة إلى مثل هذه العبقرية التي صاغها زايد، وعلى منواله تسير القيادة الرشيدة مستلهمة من قيمه ما يضيء الطريق، وما يشعل شمعة الفرح في قلوب الناس أجمعين.
هذه هي الإمارات، رايات يتسلمها الأبناء من الآباء، والمسيرة مستمرة، الفكرة واحدة، هي أننا اليوم نسكن قلب العالم، ونهبط في مهج الوجود، وكل يلهج باسم بلد أصبحت المحور، الجوهر لحركة التطور في العالم، وهي القلب النابض في جسد كل معتنق للحياة ومن دون رهط ولا شطط.
حفظ الله الإمارات، وحمى قيادتها، وسدد خطى شعبها، ودامت للعز شعلة وشمعة.